23 ديسمبر، 2024 12:12 ص

المجتمعات الحية المتوثبة المتوقدة ديدنها الكفاح , والمجتمعات الخامدة القانطة الخانعة التابعة تحترف النواح !!
والمسافة بين الكفاح والنواح شاسعة ومساراتها متعاكسة ولا يمكنها أن تتوازى!!

فالمجتمعات التي أصابتها النائبات كافحت وانتصرت عليها وحققت مجدها الجديد على أنقاضها , فالنوائب فرص لإطلاق طاقات الشعوب.

وفي مجتمعاتنا النوائب فرصتنا لجلد الذات والغوص في متواليات التأسف والحزن وتأنيب الضمير والإستغراق في النواح الأليم.

وهناك جهات تتاجر بالنواح وتستثمر فيه لأنه يمدها بمكاسب مادية ومعنوية , ويزيدها قوة وقدرة على إمتهان النائحين وتوظيف عواطفهم وإنفعالاتهم , لكسب المزيد من الثروات على حساب قهرهم وذلهم وهوانهم وحرمانهم من أبسط الحاجات.

ففي هذه المجتمعات المهضومة المهمومة , يكون الكفاح مقرونا بالنواح , ومؤطرا بالدماء والأحزان التي تعزز آليات النواح وتطورها لكي تتواصل عبر الأجيال , فمفهوم الكفاح نواحي بكائي رثائي وتعبيري عن الإنكسار والإندخار , والفقدان المروع لمعالم الحياة وصورها الإنسانية الراقية , والغوص في متاهات الدموع ومتواليات الوجيع القهّار.

فينتفي المفهوم الإيجابي للكفاح ويتسيد المعنى البكائي المشبع بالأحزان والهوان , وتطغى على السلوك الجمعي مفاهيم سوداوية إمتهانية , تفرّغ الإنسان من طاقات الصيرورة الإيجابية المتوافقة مع مكنوناته وما فيه من القدرات.

وتلعب الرموز والفئويات المؤدينة دورها لتحقيق أعلى درجات الإستثمار وجني الأرباح التي تدرها النشاطات والفعاليات النواحية , التي بموجبها يتحقق برمجة الأجيال وأخذها إلى مهاوي سوء المصير.

فهل من قدرة على التحرر من أصفاد النواح والتمسك بإرادة الكفاح؟!!