أخطا تنظيم ” داعش” الهدف مع الأردن ، لأن المقاطع التي بثها التنظيم الارهابي قدمت الشهيد معاذ الكساسبة بطلا يليق بهويته العربية الهاشمية، فلم ينحن أمام همجية السلوك محافظا على رأس مرفوع هو ” عِقالُ” الكرامة الأردنية، مما سيجعل من المشهد عنوان عز و شموخ عكس ما توقعه التنظيم في هذه الرسالة المخالفة لكل قيم السماء الأرض و ما يستدعي قراءة صحيحة للوقائع و نتائجها ، حيث تعلمنا بحكم التجربة دروسا من الحكمة الأردنية وثباتا على المواقف في أصعب الظروف، لذلك ظل التواصل الروحي بين العراقيين و الاردنيين متميزا عن غيره.
شكرا للبطل الكساسبة لأنه رفع رأس كل الشرفاء و الطيبين عاليا عندما تمسكت عيناه بالنظر الى رب العزة و الجلالة ، ولم يرتجف له قلبٌ أو رمشٌ و هو يتفحص وجوه قاتليه من مغول العصر، لقد كان يحمل رسالة إسلامية فيما هم تخندقوا وراء ساتر الحقد و الكراهية و معاداة الانسانية، راسمين خارطة من العدوانية على رمال أحقاد متحركة لم تسلم منها بيوت الله و ثرى الأنبياء و الصالحين مثلما حدث في العراق تحديدا، لتلامس روح الشهيد معاذ الكساسبة ثرى النبي يونس أبن أبينا نوح وغيره من الأطهار ممن طالتهم يد الغدر مدفوعة الثمن و الأهداف بدولارات حقد صدئة، وبما يبشر بطوفان يقتلع الشر من جذوره بنخوة أشقاء معاذ في الاردن و العراق وسوريا .
شكرا مرة أخرى للطيار معاذ الكساسبة فقد وفّى و كفّى برسالة عز و شموخ لجميع الاردنيين و محبيهم ، رسالة قال فيها إن ” الروح لن تكون أغلى من هيبة الوطن و أخوة شعبه ” ، فهو محارب أمتهن العسكرية و يعرف نتائجها ، فالفارس تخطئه المنية في منازلات كثيرة لكنه لا يهابها فهو الزاحف اليها وليس كالميت على الفراش، نعم لقد كنت أيها الشهيد البطل معاذ الكساسبة رجلا في الملمات .. قابلتهم بصدر مفتوح و رأس مرفوعة بينما يتقنّعون هم خوفا من الفضيحة، فصاحب الحق انسان مختلف عن مغتصب لا يعرف طريقا الى الحياة غير الغدر و الخديعة.
ولقد حصد المراهنون على استفزاز أخوة الاردنيين، حصدوا هواءا في شبك، فابناء الأسرة الهاشمية يستمدون الحكمة من نسبهم الواصل الى بيت رسول الله” صلى الله عليه وسلم ” لذلك سيخرجون من الفاجعة أكثر تلاحما و أشد ساعدا، لأن المستهدف لم يكن البطل معاذ بل سيادة القرار الأردني و أخوة آهل الدار، وهي رسالة ينبغي قراءتها بعيون مفتوحة لا أحقاد سياسية متراكمة، لأن الاردن كان و سيبقى عامود بيت الاستقرار العربي، لذلك ينبغي الدعاء للاردن و آهله بعبور المحنة بلا خسائر، لان الأبناء المخلصين و المؤمنين يضحون بالغالي من أجل سيادة الوطن وآهله ، وهو ما جسده الشهيد الكساسبة برجولة تتباهى بها جبال الشموخ و العزة وتفتخر بها أرواح الشهداء في كل مكان، لذلك رحب بمقدمه شهداء العراق الصادقين.
شكرا للشهيد الكساسبة لأنه أسس لنهاية زمن اللامعقول انسانياً، في أخطر رسالة تهديد لقيم و مبادي الاسلام الحنيف و أخوة أبناء الوطن الواحد، حيث الثارات العشائرية قد أضحت معول هدم في مجتمعنا بسبب ما اثاره ” داعش” من مفاهيم غريبة، ما يستدعي من الشرفاء التكاتف لوقف زحف الدمار وانهاء مسلسل التشفي بمستقبل العرب و المسلمين، وتحويل المنطقة الى ساحة حرب مفتوحة يأكل بعضها بعضا، تلك هي النتيجة التي يحاول التطرف اشاعتها ، ما يتطلب عودة سريعة الى ثوابت تعاليم ديننا الحنيف و سنة رسوله الأكرم.