الشعب يريد الحياة ومَن يريدها تستجيب له إرادات صناعتها وتأكيدها في أيامه , وأمتنا تريد الحياة الحرة الكريمة المعبّرة عن جوهرها الأصيل.
وما أحدثه الفوز المغربي في (10\12\2022) وتألقه المتواصل , أنه أيقظ إرادة الحياة في الأعماق العربية الخامدة , المدثرة بحجب الإنكسارات والإنتكاسات , وأعلمها بأنها أمة عليها أن تكون , وبمقدورها أن تتحدى وتحيا كما تريد , وبما يتوافق مع ما فيها من الطاقات الحضارية الرائدة.
البعض يراه نوع من الإنحراف التعبيري , وهم ينظرون من زاوية ضيقة ذات توجهات تضليلية وتخميدية , لأن الإشراق النفسي المتفاعل في الأعماق أسقط الأقنعة , وأظهر حقيقة المجتمع العربي على أنه أمة واحدة , وإرادة متماسكة متطلعة نحو الفوز الإنساني المبين.
الموضوع ليس تفاعلا إنفعاليا , وإنما تلاحما مصيريا , وولادة جماعية ريادية ذات آفاق إنسانية وإنطلاقية عالية التعجيل , وبإتجاهات متوازية مع الطموحات والأهداف الكامنة في قلوب الأجيال , التي غادرت الدنيا ملتحفة حسراتها الحارقة.
اليوم الأمة تستعيد توازنها وتضع خطواتها في مواضعها اللائقة بها , وتندفع نحو مسيرة ذات علامات فارقة , وإحداثيات جديدة ستستوعبها الأجيال الوافدة , وستمتطيها بقدراتها المتنامية المعاصرة الإبتكار.
فالعرب إنتقلوا من الإنتماء إلى الماضي بعمياوية وغفلاوية , إلى الإنتماء المستنير لحاضرهم الواعد بمستقبل زاهر جميل.
فما سطره الفريق المغربي من الملاحم البطولية في ملاعب قطر , تحوّل إلى بوصلة تحرك الإنسان في دول الأمة , وتأخذه إلى مسارات العلاء والرقاء , وتمنحه الثقة الراسخة بالقوة والعزة والكرامة , والإيمان بالصيرورة العربية الكبرى.
إنها ركلة كرة من قدم وثاب , وقفزة روح , وتألق فكرة , هزت الأعماق العربية في كل مكان , وضختها بمعين الإقدام والعزم الهمّام.
فتحية للذين أعادوا للأمة إرادتها , وفجروا فيها ينابيع الحياة , وأخذوها إلى آفاق الدنيا الفسيحة المتمكنة المعطاء , فما عند العرب يعزّهم , ويجعلهم أقوى أمة اخرجت للناس!!
فهل لنا أن نستفيق من رقدة القنوط والألم؟!!