قوّض البناء: هدمه هدما شديدا
قوّض الصفوف : فرّقها
فوّض الأمر إليه: وكّله به وجعل له حرية التصرف فيه
مجتمعات تحكمها الكراسي المفوضة وأخرى الكراسي المقوضة , وبين الحالتين مسافة ذات أوجاع وتداعيات وإنهيارات ساملة.
فعلى سبيل المثال – مصر فوّضت رئيسها وإنتخبته فمضى في مشاريع البناء الكبرى , فحول أيام مصر المعاصرة إلى نشاط دائب وإنجازات متراكمة ستأخذها إلى مصاف الدول المتقدمة , وهو يعمل بجد وعزيمة وطنية مطلقة لبناء القاعدة الأساسية لمستقبل مشرق سعيد.
وفي العراق البلد محكوم بالكراسي المقوّضة , قد يقول قائل إنها منتخبه , لكن ذلك حصل بفعل الفتاوى والدعاوى المزوقة بالتضليل والتخويف والترهيب , أي أن الشعب لم يعبّر عن إرادته وخياراته الحرة , ولهذا ثار وتظاهر , بعد أن أدرك مواطن الخطأ وسوء السلوك , وبأنه يأتي بذات الوجوه الفاسدة التي جلبوها إليه من خارج البلاد.
وما أن تتحكم الكراسي المقوَّضة بمصير البلاد والعباد حتى تبدأ المأساة وتتحقق الويلات , وهذا يفسر ما جرى منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم , فالذين في السلطة ليسوا من الشعب بصلة , أي أنهم لم يعيشوا معاناته وويلاته وما كابده منذ بداية الحرب الإيرانية وحتى ألفين وثلاثة , وإنما جاؤوا من خارج الحدود وفقا لتصورات ومعتقدات لا تمت للواقع بصلة , وهي من أمهات ما لُقنوا به فتوهموا ما توهموا وفعلوا ما فعلوا بناء على تلك الأوهام والتصورات , وإبن الشعب المُضام لم يكسب من ورائهم إلا المزيد من القهر والظلم والإيلام.
وبهذا المعنى فأنهم مقوَّضون لا مفوَّضون , أي أن التفويض لم ياتيهم من الشعب وإنما من القوى ذات المصالح والأهداف التي أوجدتهم لتنفيذها وإنجازها , ووفقا لذلك فأن ما يقومون به لا يخدم الوطن والمواطن , وإنما يخدم الآخرين , مما أوصل البلاد إلى أسوأ الأحوال , من الإمعان بالحكم بالحاجات والحرمان , وبتوظيف وتواطؤ من قبل بعض العمائم التي إستعبدت الناس وحوّلتهم إلى دمى وأرقام لكي تستبيح المحرمات وتجني أرباحا وأموالا , والمحرومون من حولهم يتضورون ويعانون ويلتحفون التراب ويفتشون في المزابل وأوعية النفايات عن طعام.
تلك حكاية المقوضين , في مجتمع ما فوَّض أحداً لحكمه , وإنما هي لعبة القابضين على مصيره والعابثين بمقدرات بلاده وثرواته , والمقنعين بدين , وما دينهم إلا نفوسهم الأمّارة بالسوء وربهم هواهم أجمعين!!
فهل تقوضوهم حقا ولا تفوضوهم نفاقا , وبإسم فتوى من عمامة خرقاء خرفاء ذات نهج رجيم؟!!