منذ 1921 وبعد مؤتمر المستعمرات في القاهرة الذي أوجبته ثورة العشرين العراقية , تفتقت رؤى تشرتشل على أن يكون الإستعمار بالوكالة , وذلك بتنصيب حكومة من أبناء البلد الُمستعْمَر تقوم بتنفيذ أجندات القوة المُستعْمِرَة.
ومضت الحالة وفقا لذلك على مدى القرن العشرين وبتخريجات متنوعة وصياغات توهم الناس على أنها غير ذلك , وعندما جاء القرن الحادي والعشرون , تطورت الفكرة إلى الحكومات الخديجة , خصوصا وأن نداءات الديمقراطية تعالت وملأت الآفاق , فلكي توفّق بين الإستعمار والديمقراطية لا بد من هكذا حكومات.
والحكومة الخديجة , يتم تأليفها من أناس لا نافة لهم ولا جمل في السياسة والقيادة , ويكون على رأسها شخص فاقد لأبسط مثومات القيادة , شكلا وسلوكا ومنطقا , وفيه ما يُنفر منه أكثر مما يقرب , وحتى هيأته تكون ذات مواصفات تنفيرية.
وبوجود هذه الحكومة تكون حاجتها إلى حاضنة لتديم حياتها من أولى مهماتها , وبهذا تكون تابعة قابعة في أحضان الذين يديمون نعمة حياتها في الكراسي المملوكة من قبل الحاضنين , الذين تنوعوا وتكاثروا وتصارعوا في ميادين الإحتضان.
والحكومة لا حول ولا قوة لها إلا تنفيذ ما تؤمر به , وتنفذ ما لا يمت بصلة للوطن والمواطنين الذين يتوهمون بأن لديهم حكومة , فيطالبونها وهي غير قادرة على تلبية أبسط الطلبات , وكل ما تتمكن منه أن تنفذ الأوامر القاضية بقتل المواطنين.
ومن هذه الحكومات تلك التي إنطلقت بعد ألفين وثلاثة , فخرّبت أكثر مما عمّرت وأفسدت أكثر مما أصلحت , وأوصلت البلاد إلى شفا وجيع الإفلاس , وهي تتباهى بأنها تجلس على الكراسي لخدمة أولياء نعمتها الذين لا يرحمون العباد.
فماذا يُرتجى من حكومة خديجة , وإن تنوعت وتبدلت , وتغير قادتها وأعضاؤها , فما دامت خديجة لا تستطيع أن تأتي بنتيجة , لأن همها الأول والأخير سيكون كيف تبقى حية في الكراسي , وإلا فأن الحواضن سيُقطع عنها الأوكسجين , وتصاب بموت أكيد.
والسؤال الضعب الشديد المرارة , هو لماذا لا ترتضي هكذا شعوب بالإستعمار المباشر لكي يتحمل المستعمر المسؤولية , بدلا من هذه المخاتلة واللعب على مصير الأجيال تلو الأجيال؟
لا تغضب عزيزي القارئ , فاللعبة معقدة وتأتي أكلها للطامعين , وإن رأيت غير ذلك فأتنا بدليل وبرهان!!
*الخديج: الذي لم يكتمل خلقه , أو إكتمل خلقه ولا يؤدي ما خُلق له