18 ديسمبر، 2024 11:42 م

ربما يتجسد في لا وعينا الجمعي أن كل قوي صنو إله , فالتأله قوة فاعلة فوق التراب , والتأريخ يخبرنا أن القوى الكبرى (الإمبراطوريات) , عندما تصل لذروة إقتدارها وتمددها وبسط أجنحتها على بقاع شاسعة من الأرض تصاب بوهم التأله , وعندها تبدأ رحلة إنكماشها وذبولها , وإنحسارها في حفر الإنتهاء التي ستندفن فيها حتما.

لننظر التأريخ ونتأمل الصاعد والنازل فيه , فستبدو الصورة واضحة , وينطبق على جميعها القول :

“ما طار طير وارتفع …إلا كما طار وقع”!!

قوى إنتفخت وتجبرت وهيمنت ووصلت إلى ما قبل بداياتها , وكما قال الشاعر أبو البقاء الرندي:

“لكل شيئ إذا ما تم نقصان….”

ويبدو أن عاهة التوهم بالألوهية والقدرة على عمل كل شيئ , تطغى على القوى المتنفذة المستبدة فتعمي بصيرتها , وتدفع بها إلى سلوكيات نزقة وعنجهيات مرعبة , ترتد عليها وتطيح بها بعد حين , لأنها تراكم في داخلها ما يساهم بإفنائها.

وما أكثر القوى التي تدحرجت من علياء كينونتها السامقة إلى قيعان الحضيض الساحقة.

فهل أن عالمنا المعاصر تتناطح فيه القوى المارقة , المخدوعة بقدراتها التكنولوجية الفائقة؟

ليس من الواضح ما ستؤول إليه أحوال الدنيا , لكن الأحداث تشير إلى أن الأقوياء تكنلوجيا ربما سيتماحقون ويبيدون بعضهم , وستنطلق قوى جديدة من العوالم المحشورة في عضلاتها وتفاعلاتها الغريزية , وكأننا سنعود إلى سوح الغاب الكالحة , الخالية من أقنعة الحضارة المزيفة.

إنها معركة البشرية الأخيرة مع أوهامها السقيمة!!

وكأنها أينعت وحان قطافها!!