22 ديسمبر، 2024 10:56 م

القطيف ثم الدمام … بداية الإنهيار

القطيف ثم الدمام … بداية الإنهيار

مما لا شك فيه إن مملكة آل سعود تمر بأحلك آيامها وأشدها عتمة وخطورة في هذا الظرف العصيب الذي تعيشه دول المنطقة ، فبينما هي مشغولة كعادتها منذ ان تأسست في حياكة المؤامرات ونسج المخططات ضد هذه الدولة او تلك ، نراها تفتح جبهات قتال كل يوم مرة في العراق عن طريق دعم الارهاب بالمال والسلاح وتسخير الماكنة الاعلامية ضد ماحصل في العراق منذ 2003 ولحد الان ، ومرة في سوريا تحت ذريعة دموية سلطة البعث وانتهاك نظامها لمعايير حقوق الانسان و وقوفها مع الشعب السوري المظلوم وهذا يتمثل في دعمها لقوى المعارضة السورية بكل أشكالها بهدف اسقاط بشارالاسد، لتختم سوء أعمالها بحرب طائشة في اليمن غير محسوبة العواقب تحت ذريعة الوقوف مع الشرعية ضد الحوثيين. ان اندفاع القيادة الجديدة في تحويل المملكة الى دولة مواجهة تتسم بالحزم والحسم في مواجهة المشكلات التي تضرب المنطقة ، تزامن أيضا مع اندفاع تنظيم داعش الارهابي وبتحريض ودعم طائفي من الداخل السعودي ، ان يترك بصماته الدموية في تفجيرين متتاليين خلال اسبوع واحد في مدن المنطقة الشرقية القطيف ثم الدمام على التوالي. ان المبالغة في عمليات التحريض الطائفي، دون الوعي بمخاطر هذا المنحى على المملكة نفسها وجبهتها الداخلية التي تتمثل بالمؤسسة الدينية التي تمتاز بخطاب طائفي لا يخلو من الحقد والتكفير للاخر، بل يتغول في اساليب التحريض الطائفي والمذهبي فضلا عن القاعدة الشعبية الواسعة والعريضة من ابناء المملكة الجهلة ، ممن يؤمنون ويعتقدون بصحة هذا النهج التي تنتهجه المؤسسة الدينية . ومن تابع ردود فعل هذه المؤسسة تجاه الهجومين الانتحاريين على المساجد الشيعية ، يدرك حجم التخبط الذي تعيشه المملكة بكافة رموزها الملكية والاميرية والدينية والعشائرية ، فقد تحول الضحايا فجأة من روافض كفرة الى شهداء بررة ، وقرأنا وسمعنا الكثير من المعلقات والخطابات التي تؤكد على المساواة والوحدة الوطنية وقيم التعايش والآخاء، والتشديد على ضرورة مواجهة الفتنة الطائفية، وهذه الخطابات صدرت ممن كانوا بالأمس يعتبرون كل من يتناول المسألة الطائفية بشكل موضوعي

وعقلاني خارج عن الملة .. كافر ..صفوي .. رافضي وعميل لإيران. وهنا يتقافز امامنا السؤال التالي ماذا تريد الدماء الجديدة الحاكمة في السعودية ؟ أعتقد ان من الواضح لكل المتابعين لهذا الشأن ان أسلوب الانتقال السريع في السياسة السعودية من حالة التأني والإختباء خلف الكواليس الى حالة المواجهة المعلنة والصريحة ، تبتغي منه المملكة الجلوس والهيمنة على مقعد قيادة الشرق الأوسط، وان تتوج زعيمة له بتدخلاتها العسكرية في اليمن ودعمها للإرهاب في كل من سوريا والعراق وليبيا، ولكن هل الظرف ملائم، وهل المملكة مستعدة لمثل هذا الدور القيادي في هذه المرحلة ؟

الجواب بكل بساطة ، إن المملكة وبكل ما أوتيت من قوة ودعم غربي فإنها عاجزة عن تقمص هذا الدور في ظل وجود المارد النووي الايراني وطبيعة الانقسامات الطائفية والعرقية التي أصابت المجتمعات العربية والتي أدت الى تبلور محورين مهمين في المنطقة، فهذا يستظل بالعباءة الإيرانية وذاك يسكن لفئ المظلة الخليجية في ظل صراع طائفي لم يعد مستورا ً أو خافيا ً. وان تعلم المملكة ان المنطقة العربية قد وضعت حاليا على طاولة الجزار بإنتظار تقطيع أوصالها ورسم معالم جديدة لخارطة الشرق الاوسط ، وأننا نعيش الان لحظات سايكس بيكو جديدة على يد سياف الشرق الاوسط برنارد لويس والذي لم يغفل سكينه الحاد عن تقطيع وتمزيق مملكة آل سعود الى ثلاث دويلات هي دولة الإحساء الشيعية ودولة نجد السنية ودولة الحجاز السنية ، وهذا لا يمكن تحقيقه الا من خلال الفوضى الخلاقة والممنهجة والتي بدأت تباشيرها تلوح في الأفق من خلال حادثتي القطيف والدمام والتي تعد بمثابة بداية الانهيار لحكم الدولة السعودية، ولتشرب المملكة ومؤسساتها الطائفية من كأس السم الذي صنعته بأيديها وأذاقته شعوب المنطقة وفي مقدمتها شعب العراق ولتعلم ان عجلة التغيير قد دارت رحاها ولن تتوقف الا بعد تحقيق حلم الصهيوني المتأمرك برنارد لويس .