وهكذا الحال بالنسبة للبحر، فأن السفينة أو الغواصة لها القدرة على أن تسلك البحر ولكنها بدون الهداية تضل وتضيع بل وتغرق جهلاً بالوقت المناسب للإبحار أو المكان الآمن من غيره…
وهكذا الأمر بالنسبة إلى للطائرات والمركبات الفضائية بل حتى في الطرق بين المدن..
نحن نحتاج إلى الهداية، فتجد الكثير من الناس يعتمدون على العلامات التي وضعت في الطرق لأجل تحديد المدن والمسافة هذه أمثلة معاشة…
فالإنسان في مسيرته يحتاج إلى الهداية…
ولكن بعد أن نوضح كيف يحتاج أليها بل رُبّ معترضٍ يعترض علينا ويقول أن الله سبحانه وتعالى خلق في داخل الإنسان مقتضيات وأسباب الهداية من فطرةٍ وعقلٍ وضميرٍ وحياءٍ … الخ
وهذه لوحدها كافية لهداية الإنسان…
ولا يحتاج إلى شيء آخر لكي يأخذ بيده إلى بـرِ الأمان؟
ونجيب على هذا الإعتراض..
ونذكر هذا المعترض بأن الله خلق مع كل ذلك الشهوات والغرائز وحب الذات وبالتالي أصبح الإنسان مركباً من عقل وشهوة وفطرة وغريزة…
وهذا واضح ووجداني للجميع وبالإضافة إلى ذلك أعطاه الاختيار وفق ما يريد الإنسان نفسه ولم يجبـره على اتخاذ قراره وعلى تصرفاته ((فظاهرة الاختيار )) هي الصفة البارزة والمـميزة للإنسان دون غيره من المخلوقات ..
وبالتالي لو تُرك الإنسان وحده يدبر أمره ويتخذ قراراته ويختار مواقفه فيترك ما يشاء ويفعل ما يشاء فهل يا ترى سوف ينجح كل إنسانوبالتالي يهتدي ولا يضل ولا يهلك ويهلك الحرث والنسل ؟
وهذا السؤال جوابه واضح:-
(( إن الكثير من المـآسي والمظالم والحروب العالمـية أو الإقليمية أو الأهلية أو الصراعات العشائرية أو الأسرية التي أدت إلى التقاطع والتقاتل وسفك الدماء واستعباد الإنسان للإنسان واحتلال دول الاستكبار لدول الشعوب المستضعفة كلها أمثلة واضحة لأختيار الإنسان…
ولم تكن اختيارات الإنسان منبثـقة عن هداية مع إن للإنسان فطرة وعقل وضمير ولكنه دائماً يخـتار ما يشتهي وما يهوى…
نعم العقل نافع من أجل التبرير!
فالظالم يبرر بالعقل فعله القبـيح ويحاول أن يلبسه ثوباً حسناً وكذلك العقل نافع في التخطيط والتدبير لأجل الوصول إلى هدف ظالم أختاره الإنسان كما يصنع اللص حينما يريد أن يسرق
وكذلك قاطع الطريق
وكذلك المحتل فأنه يخطط ويدبر ويـجيش العقول والقلوب من أجل أهدافه الظالمة بل حتى وصل الأمر والجرأة على الدين نفسه وكتابه العظيم القرآن المجيد فقد حاول الكثير من أنصار حب الدنيا والهوى تسخير الخطاب الديني لأجل أهداف ضالة مضلة منحرفة…
هذا هو الإنسان!
وهذه هي أختياراته إذا لم ترتبط بالقرآن وترتبط بالهدى والهداية …
إن الإسلام وكتابه العزيز لا يريد أن يسلب الإنسان حقه في أن يكون حراً ومخـتاراً بل بالعكس أن القرآن يدعم ظاهرة الاختيار لأنها هبة من الله للإنسان وبنـفس الوقت هي مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى ..
الله سبحانه وتعالى خلق للإنسان فطرة وعقل وضمير لكي تكون هذه كلها جسراً للتواصل مع الله سبحانه وليس للتقاطع فيهتدي من أطاع ويضل من لم يطع …..
أنتهى القسم الثاني ويليه أن شاء الله القسم الثالث والأخير..