18 ديسمبر، 2024 8:49 م

القائد بحاجة إلى نقدٍ ومعارضة!!

القائد بحاجة إلى نقدٍ ومعارضة!!

القائد هو الذي يعبر عن إرادة مَن يقود , فهو صاحب مؤهلات وقدرات إستشرافية وآليات إدراكية , ومهارات تنفيذية تساهم في تحقيق مصالح شعبه أو مجتمعه أو دائرته ومؤسسته , أو أيا كان موقعه القيادي.

ولابد من إمتلاكه لقدرات إلهامية وقابليات تحفيزية تثير في مَن يقود الحماس والإرادة للوصول إلى الهدف المطلوب وفقا للرؤية القيادية , وعليه أن يكون صاحب أفكار ويتمكن من التواصل بوضوح مع الآخرين.

وأن يكون نزيها وأمينا صادقا , ويقدّم حلولا ويحلل المواقف والمواجهات , ويبحث عن النتائج , ناجحا في علاقاته , مهنيا , يمتلك ستراتيجية ويساهم بتطوير الآخرين وإبتكاري القدرات.

ولا يمكنه أن يصل إلى نتائج ذات قيمة إنجازية ومؤثرة في التقدم والرقاء إن لم يكون متفاعلا , وقادرا على قراءة ما يجيش في أعماق الذين من حوله وتحت إمرته , ولهذا فهو بحاجة إلى نقدٍ وتقييم وتقدير لما يقوم به ويقرره , بمعنى أن عليه أن يُخضع قرارته وتصوراته للنقد ولفحوصات معارضيه لكي يبصر سواء السبيل , وإلا فأنه سيكون كالميت الذي يتفاعل مع الحياة.

وهذا المفهوم للقائد يغيب في المجتمعات التي تقاسي ويعم فيها الفساد , وتهيمن على وجودها التداعيات والإنكسارات المتنوعة , ويخيم على وجودها الإحباط واليأس والقنوط وعدم الثقة بنفسها وحاضرها ومستقبلها.

فأول عاهة إعتبار المعارضة أعداء , وأي رأي معارض عدوان , والنقد إعتداء سافر على مقام السلطان , فالواقع الذي يؤدي إلى تداعيات مريرة , يؤكد إنتفاء مفهوم القائد وسيادة مفهوم الفردية والنزقية والتبعية وتعطيل العقل ومصادرة الرأي , والقضاء على كل ما هو صالح لخدمة الوطن والمواطن.

فالعلة الكبرى أن الذي يتسنم المسؤولية في هذه المجتمعات يعيش في عالم منقطع عن الواقع الحقيقي للحياة , ويكون متأثرا بالمراسيم البروتوكولية والتفاعلات التبجيلية التي تخرجه من كونه من بني آدم وتوهمه بأنه قد إعتلى عرش فرعون وأكثر , حتى ليُصاب بتشويشات إدراكية وتفاعلات هذيانية ووهمية تدفع به إلى إتخاذ قرارات فجائعية بحق نفسه وحزبه وشعبه وغير ذلك , وقد حصلت مثل هذه الحالات في مجتمعات عديدة أودت بالقادة إلى نهايات مروعة , بسبب الإنقطاعية وفقدان الحاسة القيادية الحقيقية وعدم الشعور بأن الزمن يتحرك والدنيا تتبدل , وأن لا يتوطن القائد بركة من الأفكار والأوهام التي تتعفن وتفسد وتقضي على مَن فيها.
وعليه فأن القائد الحقيقي هو الذي يكون متقبلا للنقد ومراجعا لما يقوم به , ومصغيا للمعارضين وتقييم وجهات نظرهم وآرائهم , والعمل على الأخذ بها أو ببعضها وعدم إهمالها والنظر إليها بعين الكراهية والعدوانية التي تتسبب بزيغان البصر.
فهل لدينا قادة بهذه المواصفات لكي تتقدم مجتمعاتنا ؟!!