23 فبراير، 2025 8:57 ص

“بها “فرِّق تَسُدْ” نُصِرَت خُطاهم….فلا تَعْتَبْ على أحدٍ سواهم”
الأقطاب المغناطيسية المتشابهة تتنافر والمختلفة تتجاذب , قانون فيزيائي معروف , فالسالب ضد السالب والموجب ينفر من الموجب , والسالب والموجب يتجاذبان ويتفاعلان ويؤسسان قوة ذات تأثير في محيطهما.
والتنافر القائم في مجتمعاتنا سببه التشابه الشامل بين المواطنين , مما يتسبب بتحفيز طاقات التنافر وتسويغها وإيجاد المبررات لتعزيزها.
أصحاب الدين الواحد يتنافرون , ويتفرقون فيتخندقون في طوائف ومذاهب , تدّعي بأنها صاحبة الدين الحق , وغيرها دينه باطل.
البعض يسمي ذلك بالطائفية , وغيرهم يحسبونه الطريق المستقيم الذي يؤدي إلى جنّات رب العالمين , والجوهر أن الميل للفرقة والتشظي من طبع البشر , الذي يبحث عن مسوّغات تميزه عن الآخر من حوله.
ومن العجائب السلوكية أن للدين دوره الكبير في الفرقة والتناحر , فحالما يتصدر الموضوعات بين الناس تبدأ الميول التفرقية بالتأجج والتفاقم الشديد , ولهذا تجد العارفين بسلوك الشعوب يتخذون من الدين مطية لإدامة الفرقة والتصارع بين أبناء الدين الواحد.
إن البراهين لا تحصى ولا تُعد لتأكيد دور العمائم في التفرقة , لأنها تجارة مربحة تدر أموالا وتعزز مقاما , وتحفظ دورا تسلطيا على مصير المغفلين التابعين.
فالشعوب التي تريد حياة , عليها أن لا تضع الدين في الكراسي , ويكون فيها الوطن الهوية الأولى , التي لا تتفوق عليها هوية , أما إذا أصبحت المذهبية هوية أولية والوطن ثانوية , فلا تتحدث عن أن الأعداء يفرقوننا , فنحن المتفرقون , ولا يبذل الأعداء جهدا سوى أنهم يصبون الزيت على النار , وهكذا يصفو لهم أخذ النفط , وهو المهم والمطلوب إثباته , وليُباد الشعب ببعضه.
والشعوب التي لا تضع مصالحها أولا , لماذا تريد من المفترسين لها أن يفكروا بمصالحها؟
فهل أن مجتمعاتنا محترزة ومعتصمة بالوطن , أم أنها لمفترسيها تسير لتصنع سوء المصير؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات