23 ديسمبر، 2024 4:31 ص

الغراب ذالك الطائر الأسود الذي يذكرنا بما هو أسود وحزين , يفتش الأشجار ويتفحصها غصنا غصنا باحثا عن أعشاش ذات بيوض أو فراخ لكي يفتك بها , وكم إستفزني ذات مرة وأنا أرقب عشا فيه صغار طير جميل , وإذا به ذات يوم قد إستدل عليه وفتك بالفراخ وقطعهن إربا إربا.
ترى كم من البشر غربان؟
البشر يمكنه أن يتحول إلى غراب بسهولة , ويحتاج لعقيدة ما ومظهر متوافق معها , ليسوّغ ما يقوم به من الجرائم والمآثم.
ويتحقق ذلك المرام عندما تلامس مؤخرته كرسي المسؤولية أيا كانت درجتها , خصوصا في المجتمعات الخالية دوائرها من النظام الداخلي , وتعطل فيها الدستور والقانون , وصارت أوضاعها الإدارية والقانونية منفلتة , تتحكم بها المجاميع المتقوية بذوي المصالح والمشاريع العدوانية على البلاد والعباد.
وما أتعس المجتمعات التي تنعق في كراسيّها الغربان , وتتحين الفرص للإنقضاض على عش آمنٍ وإفتراس ما فيه من الابرياء الصغار.
وبعض مجتمعاتنا توطن الغربان في الكراسي , بل وتنتخبها لتمثلها في البرلمان , وكأنها لا تعرف بأنها تمنح الغربان حرية النعيق , وتسويغ مداهمة اعشاش الوجود الإنساني في المجتمع , فلا تجني من وراء نشاطاتها العدوانية غير تأبين جوهر الحياة.
وتتعجب كيف يعاد تكرار تعزيز دور الغربان في خراب وتدمير الأوطان , ولا حول ولا قوة لمن أهلها للوجيع , سوى الكلام الذي لا يطبب جرحا ولا يطعم من جوع.
ولماذا يميل البشر للون الأسود الذي يمتص جميع الألوان , ولا يرغب بباقي الألوان , وكأنه يريد الإندساس في ظلمات التراب , والإمعان بشرب الدموع والدماء , والتغني بالنحيب.
غربان تعرش في كل مكان , وأطيار جميلة تئن من سطواتها وعدوانيتها ومناهضتها لمباهج الحياة , فهي تريد كل شيئ من حولها أسود , لتتماهى معه وتغفلها الأنظار , فتصل إلى ما تريده بأمان.
وبين غربان وغربان تتداعى بعض الأوطان , وتغادرها أطيارها , ويتناسى تغريداته البلبل الفتان , وتنطلق حاديات الوجيع , وتتسيد الذئاب على القطيع , وكل ما تجنيه شنيع!!
فتبا لغربان النجيع!!