18 ديسمبر، 2024 6:15 م

أيها العرب لاعاصم لكم اليوم من الغرق والإنقراض إلا العروبة , فهي طوق نجاتكم وبوصلة مصيركم , وبرهان وجودكم وعلامتكم الفارقة وهويتكم الصادقة , وبغيرها سيكون حالكم أسوأ مما أنتم عليه اليوم.
فما أن غسل العرب أيديهم من عروبتهم حتى داهمتهم وحوش الغاب المعاصرة وإفترستهم شرّ مفترس , فشرذمتهم وألبتهم على بعضهم , وحولتهم إلى فرائس منهمكة بإضعاف بعضها وإنهاكها ليسهل صيدها وإيقاعها في شراك المتربصين , فسقط العراق في شراك حروب مدمرة , ليكون وليمة للآخرين وبمؤازرة جميع العرب.
وبعد أن مُحقت قوته وسيادته وقدرته , صار إفتراس العرب سهلا وممكنا وبواسطة العرب أنفسهم , بعد أن يتم تحويلهم إلى فرائس مستغيثة تستنجد بأعدائها لحمايتها من أخيها كما تتوهم أو كما تملي عليها مخاوفها وتوجساتها , فلكي تبقى بعض الدول عليها أن تلبي مصالح أعدائها وتكون أكثر غيرة منهم على مصالحهم , وهذا ما تقوم به تلك التي سخرت ثرواتها للفتك بالعرب وتدمير وجودهم وتحقيق مصالح أعدائهم.
ذلك أن خيط العروبة قد إنقطع , وإنفرط عقد الوجود العربي , وراحت دوله تتقافز حائرة كخرزات المسبحة المنفرطة , لا تعرف لها شكلا ولا هدفا ولا غاية ولا موضعا , بل تتدحرج في متاهات الضياع والخسران والوقوع فريسة سهلة للآخرين.
وبسبب غياب التماسك العروبي , تم تطبيق سياسات تمزيق القطيع والإنفراد بالفرائس مثلما يحصل في الغاب , عندما تسعى الضواري لإخراج الفريسة من القطيع لكي تنفرد بها وتأكلها , لأن وجودها في القطيع يحميها من الإفتراس.
وإذا تصورنا الدول العربية كالقطيع في غاب السياسات , فأن إفتراسها لا يتحقق إلا بالإفراد , وهذا ما تمكنت منه القوى المفترسة للعرب , فبعد أن إنفردت بمصر التي هي العمود الفقري للعرب , إستطاعت أن تتفرد بالدول العربية الواحدة تلو الأخرى , بدءً بالعراق وإنتهاءً بليبيا وسوريا واليمن وما سيأتي.
فالقطيع العربي قد تبعثر وما عاد قادرا على تطبيق آليات وسياسات القطيع , وإنما إنفردت الوحوش وحسب قدراتها بهذه الدولة أو تلك أو ببعضها , وبعض الدول قد تآزرت مع المفترسين لإفتراس أخواتها , وهي كالأسير أو الروبوت الذي عليه أن ينفذ إرادة سيده , أو أنها كالفأرة في قبضة القط الذي يراقصها حتى يجعلها تسكب جميع محتويات غددها الصماء ليتمتع بلذة طعمها.
ووسط هذه التراجيديا العربية , وكوميديا الإفتراس المبرمج الفظيع , لا يوجد أمام العرب إلا طوق نجاة العروبة , فإن لم يتمكنوا من الإمساك به فأن الغرق مصيرهم!!
فهل سيدرك العرب أن العروبة ركيزة وجودهم الأقوى؟!!