العلاقة التاريخية بين العرب والفرس كانت مختلفة عن غيرها من العلاقات الأخرى وذلك لانها كانت توصف بالسلبية والمتشنجة والانفعالية؛ اذ ان الفرس بطبيعتهم لا يلتزمون بالعهود والمواثيق التي تفرضها العلاقات بين الشعوب لانهم يتقدمون عن غيرهم في نكلها وحياكة الدسائس لها وهذه من شيم الغدر لدى امبراطورية فارس .
في معركة القادسية كان الفرس تواقين الى المواجهة لأنها أصبحت الخيار الوحيد امامهم بعد رفضهم دفع الجزية التي فرضها عليهم خليفة المسلمين سيدنا عمر بن الخطاب ” رضي الله عنه ” ورغم ان قادة الجيش الفارسي كانوا يتفاخرون بقوتهم وعظمة إمبراطوريتهم التي يحمل كسرى صولجانها والقائد رستم لواء فرسانها ، الا ان الشخص الوحيد الذي كان يتنبأ بمصيرهم هو “عمة الملك كسرى” فكثيرا ما حذرتهم من قوة العرب وامكاناتهم وصلابة مواقفهم في حسم المعارك التي يخوضونها .
لقد صدقت الرؤيا وحصلت الواقعة وانتصر العرب على الفرس وكسرت شوكتهم وانهار ايوانهم واخمدت نار مجوسهم وازيح عرش طاووسهم وتحطمت امبراطوريتهم امام جيش المسلمين وصلى سيدنا وخال رسولنا الكريم سعد بن ابي وقاص “رضي الله عنه” وافراد جيشه في قصور فارس بعد ان رفع الاذان فيها واعتلت التكبيرات بين صروحها واعمدتها ، لتكون نهاية فارس التي تنبأ بها نبينا العظيم ” محمد صلى الله عليه وسلم ” عندما كان يلاحقه فرسان قريش ويتقدمهم احد اشراف بني كنانة ” سراقة بن مالك المدلجي “وهو يلاحقهم ، فلما وصل للرسول انغرست قدما فرسه في الوحل فطلب من رسول الله أن يدعو الله لينجيه مما هو فيه على أن يرجع عنهم ويعمي عنهم الطلب فدعا له رسول الله ثم قال له: كيف بك اذا لبست سواري كسرى ومِنْطَقَتَه وتاجه ، فقال سراقة . كسرى بن هرمز ؟! فقال له رسول الله ” صلى الله عليه وسلم ، نعم ، ثم انصرف سراقة، فلما فتح سعد بن أبي وقاص المدائن في زمن خلافة عمر بن الخطاب، أرسل سواري كسرى وتاجه ضمن الغنائم إلى الخليفة فتحقق لسراقة وعد نبينا الكريم والصادق الامين له حيث ألبسه عمر سواري كسرى.
اليوم أضاع العرب هذا المجد التليد الذي بني بحكمة وعزيمة وإصرار وإرادة مؤمنة بالله الواحد القهار ، وها هي جيوش فارس تعود من جديد لتجعل من بغداد و دمشق وصنعاء وبيروت عواصم متعددة لها ، ناهيك عن قادم الأيام والمدن العربية الأخرى التي ستلتحق بركابها ، كل هذا الذي جرى ويجري كان على يد اذنابها الذين تركوا عبادة الله وسنة رسوله واتخذوا من التومان الإيراني قبلة جديدة يعبدونها ، اي خسة واي ذلة واي عار لكم بعد هذا العار ” يا عرب ” ! ماذا ستقولون لربكم ولنبيكم يوم الحساب ومن قبله ماذا ستقولون لأحفادكم ان سألوكم عن مجد اوطانكم ولغة السنتكم التي تتحدثون بها ؟ ولعل اكثر ما سيؤرقهم هو عندما يقرؤون التاريخ ومآثر العرب يوم كان العرب عربا، وعندها سوف يلعنونكم ويلعنون اليوم الذي ولدوا فيه وهم يتحدثون اللغة الفارسية التي فرضت عليهم بفضل اعمالكم وضعف ارادتكم التي احنت رقابكم لأسيادكم الفرس المجوس .
ولعل الجديد في هذا الموضوع ، هو ما صرح به مستشار الرئيس الإيراني لشؤون القوميات والأقليات المذهبية، علي يونسي، عندما قال ان إيران قد ولدت كإمبراطورية، واعتبر العراق هو الهوية والعاصمة الإيرانية ، وان العراق ليس مجرد ساحة لنفوذ الحضارة الإيرانية، وانما أصبح جزءا مهما من جغرافتيها التي لن يستطيع احد بعد اليوم ان يفككها ، وهذا يعني ان الفرس اصبحوا هم ملاك ارض العرب وحكامها ولن يستطيع احد بعد اليوم ان يكسر شوكتها ، فلم يعد احد يستطيع ان يحذرهم من العرب ويتغنى ببطولاتهم ، لان الآية أصبحت معكوسة والفرس هم اسياد المنطقة العربية… أيها العرب : الفرس قادمون اليكم ، يا ويلكم من الفرس!!!!