ليسَ مِن عادتهِم الصحوة المُبالغ فيها؛ فمصالح النواب مُرتبطة إرتباطاً وثيقاً، بِرضا السيد رئيس القائِمة أو الكيان السياسي، فما حدا مما بدا!واقعاً؛ ككل شيء أخر في قراراتنا السياسية، تخضع حركة النواب المعتصمين في البرلمان، لقاعدة التأييد الخارجي، معَ لِحاظ إن إدعاءهم بالثورة على قادة الكُتل، غير واقعية بالمرة، فهم التيار الصدري يعكسون بطريقة أو أخرى، رأي السيد مقتدى الصدر في وثيقة الشرف، التي وقعها قادة الكتل السياسية، أيضاً؛ نجد إن المعتصمين من دولة القانون، يمثلون رأي السيد المالكي في رفضه الوثيقة، بالتالي جميع المعتصمين ضد وثيقة الشرف فقط لأن قادتهم رفضوها!
مِن جهة أخرى؛ بحسابات بسيطة قد تسعفنا الذاكرة للخروج منها بنتائج حقيقية، نجد إن “المحاصصة” التي يدعون الوقوف بالضد منها، مكرسة مجتمعياً لا دستورياً، بالتالي لا يمكن إختصار المواقع الكبيرة بمكون واحِد، هذا مايرفضهُ الجميع، ولن يحصل بأيِ شكلٍ من الأشكال، فلا داعي إذن أن نكسر (قلب) الدستور، الذي صوتَّ عليه الشعب، ودفع لأجله كثيرٌ منَ الدماء.
قادة المعتصمين أيضاً عليهم بعض المؤشرات؛ التناغم الجديد بينهم، يُدلل على إن الأمر مُريب، والعراق ذاهب إلى منطقة اللاعودة، فالتيار الصدري يعاكس دولة القانون بالمنهج، ويعارضه في طريقة إدارة الدولة، بل ويتهمه بكل ماحصل للبلد بعد سقوط الطاغية.
إذاً؛ ما سرُ الإعتصام ولماذا في هذا الوقت بالذات؟!
إن الحراك الذي رافق حركة الإعتصامات، وعلى أثره زارَ سلمان آل سعود مِصر وتركيا، ونجله في الأردن يعقد الصفقات، يوضح إن المراد من حركة الإعتصامات، وإقالة الرؤساء الثلاث وإبعاد القوى الوطنية، هو ربيع عراقي يشبه الربيع العربي، الغاية منه القضاء على التجربة الديمقراطية، خصوصاً إذا مالاحظنا إن المعتصمين، غادروا الطرق القانونية في الإقالة.
بيان رقم واحد؛ يصدره النائب مشعان الجبوري، يذكرنا بأيام الإنقلابات العسكرية، التي غادرها العراق بواسطة تجربته الديمقراطية، البيان يرافقه حديث النائب الزاملي، مشككاً بقدرة الخالق على إحياء الموتى! وبربط هذا معَ ذاك، نجد إن المستهدف الوحيد، هي القوى الإسلامية، ومحاولة الرجوع بالعراق، إلى المربع الأول.
نعم؛ نحنُ لسنا ضدَّ التغيير، لكننا نؤشر على الطريقة الخاطئة، فمن بين الدول القلائل في المنطقة، نحنُ نمتلك دستوراً داعماً للتغيير الإيجابي، بشرطه وشروطه، كما نمتلك حرية الإنتخاب، التي غيرت فيما مضى، وتغير لاحقاً..
لسنا من الخاضعين لنظرية المؤامرة؛ لكن رائحتها طغت حتى على رائحة الدم الذي ننزفه، نحنُ بأمس الحاجة للتقارب؛ فلماذا يحاول البعض إثارة الفوضى؟!
الوضع الأمني هو السبب؛ تقدم قواتنا في الأنبار والموصل محور المشكلة، الضعف الذي دبَّ في صفوف داعش يجب أن يُعالجه سلمان، عسكرياً لا يقدر، معنوياً ليسَ بإستطاعته، الخيار الوحيد أمامه، هو شق الصف السياسي العراقي، وتأجيل الحسم.
من المستفيد الوحيد؟، السعودية هي المستفيدة فقط، أما الساسة العراقيين فهم أكثر خسارةً إذا ما حصل ما يريده سلمان، ومن هنا تجد إن مواقف الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة، رافضة لحركات التفريق والتشنج السياسي، الإولى لإنها داعمة بصدق، والثانية تخشى مواجهة الجمهوريين في الإنتخابات.
سلمان سيفشل؛ قوى معتدلة من بين المعتصمين سيدركون خطورة الموقف، مشعان ليسَ قائداً بحنكة السيد الصدر، والصدر شقيق الحكيم بالوطنية، وسنرى قريباً؛ إن مشروع الحوار هو الرابح، حينهت سيخسر صبيان سلمان، ويربح الشعب..