لم يخرج العراق من عنق الأزمات ولن تحل مشاكله طالما ظلت بعض الوجوه تنحر بمستقبله بسكاكين غدر شخصية و أزمة قيادة و مصالح اقليمية مغمسة بدماء الأبرياء ومدفوعة الثمن بتقمص الأدوار و تنوع الوجوه، ما أحدث ارباكا في المفاهيم و قدم الى الواجهة شخوصا لا تذكرهم حتى عوائلهم، لذلك نحتوا في الصخر من أجل اضاعة فرصة انقاذ العراق من آفة المحاصصات و التوافقات، ليتحول الفوز الى خسارة و يستمر مسلسل الأجتهاد السلبي و المتأخر في ذات الوقت.
ويقول مقربون من القائمة ان اياد علاوي أنهك العراقية بتقاعسه و سفره الدائم و تسويف القرارات لطبيعة شخصية يغلب عليها الكسل، و صحيح ايضا أن تجميع ” الرؤوس المتضادة” لم يكن خيارا مقبولا و لا حلا للتخندقات المذهبية، ما اضاع أملا في مشروع وطني عابر للمحاصصات و التوافقات، لكن الصحيح أيضا أن هناك فرقا كبيرا بين سياسي مجرب و أخر يمتهن الصدفة سبيلا للابتزاز و شراء الذمم، لذلك في أول التحديات ذهبوا شيعا متناحرين بينهم بين بيضاء و حمراء وأخرى بلا لون!!
و لولا هذا ” الخنجر ” في الظهر لما خسرت العراقية الكثير جدا من بريقها، ولما كسرت نفوس الذين راهنوا على مشروعها الوطني و خسرت ثقة الشارع لأنها لم تتماسك و تفرض فوزها الانتخابي على الجميع، ربحت المزاج العراقي و انهزمت أمام ” ملذات” المغامرين و اللاهثين وراء الجاه من بين عيون المحرومين، لذلك انهار الأمل و تشظت المشاريع بعد دخول عناصر غريبة على مشروع القائمة العراقية، فتم استغلال الظروف الشخصية لتمرير مشاريع تخريب قطعت الكثير من اوصال العراقية، لكنها لم تذبح شعارها الوطني.
ورب سائل يستفسر عن سر الدخول الى عالم الدسائس ومن المستفيد من قهر مشروع العراقية، حيث ليس من الانصاف تحميل علاوي كامل المسؤولية، فهناك من سال لعابه مبكرا للمغريات و العطايا، وآخرون ركبوا الموجة عن قناعة بالربح السريع فتلاعبوا حتى بتسلسل القوائم، و من هنا دخل المال الحرام و تعددت بوصلة المخربين، ليتحول بعض الهامشيين الى لاعب في خط وسط العراقية، بينما أحتفظ أخرون بكرامة الوطن فرضوا ركوب موجة الانقسامات منطلقين من حقيقة أن العراق يستحق التضحية، و راهنوا على ذلك و لا يزالون، بينما غيرهم يواصلون اللهاث نحو المجهول فيقعون بين أحضان حتى الخصوم، ما يستدعي قراءة جديدة قبل فوات الأوان!!
ان محاولة رمي العراقية بحجر غيرها ليس مقبولا، مثلما ان الحديث عن اجراءات انتخابية ” مستقلة” يجافي الحقيقة، بعد ان تحول انتقاد رئيس الوزراء الى سوء سلوك يحاسب عليه القانون، بينما العكس يوقف حتى الملاحقات القضائية، و السبب أن المالكي يعرف جيدا خصومه و يجيد أيضا سحب البساط من تحت أقدام شركائه بالاستفادة من سقف قضائي و سياسي مفتوح يذكر الجميع بفردية السلطة و المواقف!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]