23 ديسمبر، 2024 12:27 ص

العدالة اﻹجتماعية بنت العدل اﻹلهي

العدالة اﻹجتماعية بنت العدل اﻹلهي

لا شك أن فكر الشهيدين الصدرين يتميّز عن غيره بمميزات جعلته أكثر اقتراباً من مقاصد القرآن والسنة الشريفة…
فقد كان فكرهما فكر الهوية الإسلامية، فهو فكر إسلامي خالص من الشوائب نجد فيه التجرد والموضوعية بصورة جلية وواضحة بحيث يصلح أنموذجا يحتذى به…

وقد أشار السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) في لقاء الحنانة إلى هذا المعنى بقوله:
(( الدين لا كما يفهمه أهل الدنيا وغيرهم..))
وهذه إشارة إلى وجود فهم خاطئ للدين وتحريف لفهم الدين، فالطاغية يحاول أن يحرف فهم الدين بما يناسب طغيانه وظلمه وكذلك الحال بالنسبة لأهل الدنيا وأهل الفسق وحتى الكفار إلا أنهم جميعاً لا يفهمون الدين حق فهمه ولا يمكن اﻹعتماد على فهمهم للدين…

ومن المؤسف جدا أن نجد الكثير من الناس قد اعتمدوا على هذا الفهم الخاطئ للدين الذي صنعه الطغاة وساسة الفساد وأهل الظلم والفسق والكفر والفجور…..

وقد ذكر السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) في لقاء الحنانة أيضا بحسب المضمون :
أن المعارف التي يهتم بها الدين ثلاثة :
1- الشريعة بما فيها علمي الفقه والأصول.

2- الوعي الاجتماعي و هو إصلاح المجتمع، وتوعية الفرد والمجتمع على أساس العقيدة وتطبيق الشريعة ويندرج إقامة الدولة العدالة تحت عنوان الوعي الاجتماعي، وهو أحد أهم أهداف الوعي الذي يبدأ بأسلمة المجتمع كي يكون طريقاً لدولة العدل .

3-العرفان. وهذه المعرفة بحسب ما ذكر السيد محمد الصدر(قدس) في الجزء العاشر من كتاب (ماوراء الفقه) هي المعرفة الأعمق في الأيمان بالعقائد الإسلامية، إلا ان العرفان المعمق لا يصلح لعامة الناس، أي أن الوعي الاجتماعي لا يستهدف نشر العرفان بين عامة الناس، بل هذا هو الإفساد بعينه!
ولو صح وأمكن نشره لنشره الرسول والأئمة( ع )…
بل أن أهل المعرفة يقولون أن عدد الواصلين بنجاح في هذا الطريق لا يتجاوزون أصابع اليد .

وتكتسب الشريعة أهمية بالغة لأن أحكامها هي مصداق للعدل الإلهي… فالعدل كما يعرفه الفلاسفة:
(( أنه وضع الشيء في موضعه المناسب له ))…
والله سبحانه وتعالى هو خالق الأشياء وهو عالم بها وعالم بمواضعها الواقعية المناسبة لها.

إن الأحكام الإلهية الشرعية مجعولة طبقاً للمصالح والمفاسد الواقعية، فكل حكم شرعي يمثل مصداقاً للعدل الإلهي..
فالشريعة هي العدل الإلهي…
والعدالة الاجتماعية هي تلك الأحكام الشرعية التي تتعلق بالجانب الاجتماعي من حياة الإنسان .

فالعدالة الاجتماعية لايمكن أن تتحقق بأسس غير شرعية كالأسس الأرضية التي يضعها البشر!! فإنها ستكون مصداقاً للظلم الاجتماعي الذي هو أحد أعظم أنواع الظلم البشري كما لا يخفى….

والشواهد على ذلك كثيرة فالنظام الاجتماعي الذي يحكم البشرية هو مصداق و نموذج للظلم الاجتماعي لأنه استغنى عن الشريعة الإسلامية يعني أنه قد استغنى عن العدل الإلهي وزهد به..