يواصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سياسة التهدئة و اعادة بناء المؤسسات ضمن اجواء من الانفراج السياسي، رغم مد وجزر تمارسه جهات ” متضررة” من بسط سلطة القانون، التي عندما يتم تفعيلها سنجد الكثير من الرؤوس و قد حان وقت قطافها ، ليس بمزاج التصفية الشخصية و التفرد بالحكم ، بل على خلفية تجاوزات انهكت الدولة العراقية من الداخل
ويحتاج العبادي لاستكمال مهمة الاصلاح فريقا سياسيا متجانسا ورغبة و قدرة على طي صفحة الماضي و الأهم ارادة مسؤولة لاستعادة هيبة الدولة العراقية من خلال الشخص المناسب بالمكان الصحيح بعيدا عن التزكيات الحزبية و المجاملات الشخصية التي يدفع العراق ثمنها باهظا هذه الأيام، حيث لعبت الأنانية الشخصية و آفة التسلط دورا خطيرا في تخريب تجانس العراقيين
ولكي لا يتكرر المشهد فان العبادي مطالب بتفعيل سلطة القضاء على الجميع و بما يقطع الطريق على الفساد و الديكتاتورية و متاهات ظلم التاريخ العراقي بعقد شخصية تصل حد الأنتقام، مع تذكير رئيس الوزراء العراقي بأن ليس كل من عمل في مؤسسة الحكم السابقة يجب ملاحقته، فهناك كفاءات اجتهدت كثيرا في خدمة العراق و حققت انجازات كبيرة، فبدون فكرة ان العراق يتسع لكل أبنائه سيبقى الشطط قائما و قائمة المحرومين طويلة
ونذكر رئيس الوزراء حيدر العبادي أيضا ان القيادات التي يتم استبعادها لم يتم اختيارها على أساس الكفاءة و المهنية العالية بل عبر مجاملات و سياسة ” العبودية الشخصية” التي غالبا ما يصاب بها غير الديمقراطيين بالفطرة، وهو ما يجب تحويله الى منهاج عمل في بقية المؤسسات ، لأن غير الكفوء يتفنن في اضاعة الوقت و فتح أبواب الفساد، فليس كل من عمل في النظام السابق ظالما، وليس كل من ركب موجة تأييد الحكومة السابقة تقيا أو ورعا، العراق بحاجة الى اصلاح النفوس و استعادة ثقة المواطن بالحكومة لا العكس.
ونحن هنا لا نريد توجيه النقد في غير موضعه لكننا نحاول اعادة قراءة المشهد بعيون محايدة، فلو ان الحكومة السابقة قد نظرت الى العراقيين بالتساوي لما تفاقمت الأزمات، ولو هي عملت لاسعاد الناس لما خرج الملايين مطالبين برحيلها، ولما تنوعت القنوات الرافضة لمنهج الاقصاء و التهميش، وعدم الالتزام بالوعود، ولما تحول الشركاء الى خصوم، ما يستدعي اعادة توجيه بوصلة الأولويات للمحافظة على التجانس السياسي ليس لعبور مرحلة بل لاعادة بناء ما خربته آلة اللاوعي السياسي.
ونريد تذكير الدكتور حيدر العبادي بأن غالبية الوجوه المشاركة في حكومته كانت ممثلة في المرحلة السابقة، لكنها محاصرة بملفات لها أول و ليس لها أخر، ضمن فلسفة التخويف و الترهيب لا الشراكة، ما ينبغي الاستفادة منه للحد من الطوق الأمني المفروض على الشعب بمؤسسات تتداخل في الأختصاص، فليس كل ناقد متأمرا مثلما ليس كل مجامل مخلصا، وهو ما يستدعي اختيار الناس على أساس الولاء الوطني بدلا من قذفهم بالشبهات.. ويبقى الفرق كبيرا بين سياسي تعايش مع الديمقراطية الأوربية و أخر عاش تحت سلطة الرأي الأوحد فتاثر به.. شكرا العبادي و طريقك لن تكون معبدة بالورود لكنها ستبقى سالكة لأن توجهاتك تحظى برضا عراقي هو الأهم من كل التأييد الدولي.