23 ديسمبر، 2024 8:28 ص

القلم أداة الطبيب التي إذا خطّت على الورق أصبح ما كتبته أمرا واجب التنفيذ , فالعلاقة ما بين الطبيب والقلم يومية وفعّالة وحيوية , فلا يمكن للطبيب أن يعمل بدون قلم , حتى في زمننا المعاصر الذي تحاول فيه لوحات الكتابة (كي بورد) أن تنتصر على القلم!!
وقد تطورت العلاقة ما بين الطبيب والقلم عند عدد من الأطباء , فبرعوا في كتابة القصة والرواية والمسرحية والشعر , وتمكنوا من التوهج على ناصية الإبداع الأصيل , وقد قرأنا لهم إبداعات ذات قيمة إنسانية وروحية سامية.
والطبيب الأديب يتمتع بقدرات إدراكية وحسية تميزه عن غيره من الأدباء والمبدعين , فلكي يكون الطبيب أديبا , عليه أن يجيد مهارات قراءة كتاب الإنسان الذي يتفاعل معه كل يوم.
فكل إنسان كتاب خاص التأليف وبأسلوب فريد , والطبيب الذي يتمكن من فك رموزه ومعرفة أبجدياته وقراءته بسلاسة , هو الذي يستطيع أن يكون أديبا مؤثرا ومبدعا متميزا.
فليس كل طبيب أديب , ونسبة الأطباء الأدباء قليلة بين الأطباء , لكنهم ندرة ذات قيمة معرفية وحضارية مؤثرة في صناعة الحاضر الأروع والمستقبل الأفضل , لأنهم يمتلكون مهارات التقييم والتشخيص والتداخل العلاجي الشافي من الوجيع.
وفي زماننا المعاصر تزايد عدد أقلام الأطباء التي تكتب , وما يخيّب الآمال أن معظمها تحركت مع التيار وتحوّلت إلى صدى وما قدمت ما هو نافع للحياة , بل أن البعض صار يكتب بلغة الكراسي القاهرة للناس , ويسوّغ المآثم والمظالم والعدوان على حقوق الإنسان.
وفي هذه الإتجاهات خلل أخلاقي , وخيانة للمهنة وضوابطها السلوكية , التي على الطبيب أن يلتزم بها في جميع الأحوال والنشاطات.
فقلم الطبيب يجب أن يتحلى بالإنضباط الإنساني , وأن لا يخون رسالته وتوجهاتها القاضية بتخفيف الأوجاع ومداواة الأسقام بأنواعها , وعندما يختار أن يكتب عن الأمراض الإجتماعية والتفاعلات السلبية الضارة , فمن مسؤوليته أن يكون منصفا ونزيها ومحايدا , ويريد الوصول إلى الحقيقة والنتيجة البينة , التي بموجبها يقترح الإقترابات المشافية.
أو أن يكتب أدبا خالصا نابعا من وحي الإنسانية , وما يعتريها من تحديات ومعوقات ليأخذ بالبشرية إلى آفاق المحبة والأخوة والتفاعلات الإيجابية الطيبة.
فهل أن أقلام بعض الأطباء تطبب أم تفتق جراحا قد إندملت؟!!