23 ديسمبر، 2024 4:19 ص

الطالباني والبرزاني .. وجهان لعملة واحدة

الطالباني والبرزاني .. وجهان لعملة واحدة

يتررد في الاوساط السياسية بأن رئيس الوزراء (نوري المالكي) قد صدم وهو يتسمع الى حديث الرئيس جلال الطالباني معه بشأن رفضه لتشكيل قوات دجلة التي تجمع بين القوات الامنية والعسكرية في محافظتي ديالى وكركوك. ويقول أحد السياسين المطلعين أن المالكي قد فوجئ بقرار الطالباني بحل هذا التشكيل الذي هو من صلب مهام القائد العام للقوات المسلحة ،كما يقول بذلك محللون سياسيون وخبراء قانونيون.وهذا الذي فاجأ المالكي لم يفاجأ به سواه . ولو رجعنا الى ماقبل سنوات فأننا سنجد أن السيد الطالباني ، والذي يطلقون عليه تسميه حامي الدستور ،كان ينتهك الدستور وقتما يشاء. ففي تصريح علني له قبل سنتين قال: أن كركوك كردية ! وبذلك نفى عراقيتها . وهو أيضاً ،أي الطالباني لم يجتمع بممثلي كركوك من العرب والتركمان والمسيحيين في معظم زياراته للمدينة ، وكان يكتفي بلقاء ممثلي الاكراد وحدهم.فحامي الدستور هذا واحدا من بين أكثر السياسين الاكراد انتهاكاً له..وكان على المالكي أن لا يتفاجأ بعودة الطالباني الى كرديته عندما يجد أن هذه العودة تثبت (حقوق الاكراد) في كركوك والمناطق (المتنازع عليها) الاخرى مخالفاً بذلك ( المادة 140) التي عدت تلك المناطق بما فيها كركوك تابعة للحكومة الاتحادية الى حين أجراء استفتاءً عاماً فيها لتقرير مصير تبعيتها .
ثم اذا كان هذا التناقض المفضوح لم يقنع السيد المالكي بأن الطالباني لا يختلف عن البرزاني في قضية استقلال كردستان وقيام دولتها، وانهما وجهان لعملة واحدة ، فأن هناك الكثير من الوقائع والمواقف السياسية تجعل مسألة التحالف معه ضرباً من ضروب الغفلة السياسية .
 ولو راجعنا مواقف (مام جلال) في السنوات القريبة الماضية لأمكن التفريق بين مايبطن وما يعلن ،وليس هذا ماسنكتشفه ، بل شنكتشف أنه يتنقل بولائه من هذا الطرف الى نقيضه برمشة عين ومن دون مبررات معقولة !  فهو أي الطالباني  كان من أقرب المقربين الى المجلس الأعلى الأسلامي ، ولكنه خذل المجلس بعد أنتخابات2010 وتخلى عن (صديقة الصدوق) كما كان يسميه , بمجرد أن لوح له المالكي برئاسة الجمهورية مخالفا بذلك رغبة القائمة العراقيه بتكليف طارق الهاشمي برئاسة الجمهورية. تخلى طالباني عن مرشح المجلس الأعلى بعد أن وعده بأنه سيقف الى جانبه ضد المالكي ، وحين حان الجد هرول الطالباني بأتجاه المالكي وترك( صديقة) مصدوماً
وكذلك ،كان على المالكي أن يتذكر واقعة قريبة ،وهي ان الطالباني دعا المجتمعين في أربيل ( البارزاني وعلاوي والنجيفي والصدر) الى سحب الثقة من حكومة المالكي ،وتعهد لهم بأنه سيسحبها منه فور اتفاقهم على ذلك. ولكن، في ساعة الحسم ،وجدنا البارزاني يتخلى عما تعهد به ،وينسحب من بغداد الى المانيا ليتعالج من أمراضه التي لاحصر لها. وبالطبع هذا الانقلاب لم يتم من دون أن يحقق الطالباني مصلحه شخصية من ورائه . ولكن, والأهم في هذا الامر ، هو أن التحالف ، أوالوثوق بأي تعهد من الطالباني لا ينم عن أدراك لحقيقة هذا السياسي المتقلب الذي حير حتى شيخ المتقلبين( صدام حسين) في وقته!
في كردستان ،يطلق بعض السياسين الاكراد على الرئيس الطالباني تسمية (ثعلب السياسة).والحقيقة ان هذا التوصيف في غير محله ،أذا ليس الانقلاب على المواقف يعد مزيه او سيرة حسنه لهذا السياسي أو ذاك!
على أية حال ، لعل وعسى أن يراجع المالكي مواقفه أزاء الطالباني،فالرجل حتى وأن بدا ليناً هيناً متفاهماً الا أنه في حقيقة الامر يراوغ خصومة السياسين وحتى حلفائه بالمواقف  المتناقضة في معظم الأحيان.. هو لا يحرص على شيئ قد حرصه على أن لا يخسر !
وتأسيساً على هذا ،لاينبغي التصديق بأن الطالباني في حال خلاف أو نزاع مع البارزاني المتشدد عادة ،بل هو شريك له في سياساته, ويتقاسم معه الادوار من أجل الظفر بمقدرات الشعب العراقي بعربه وكرده وأقلياته. والذي يعتقد خلاف ذلك انما يحتاج الى أعادة النظر بنفسه بكفائته.