18 ديسمبر، 2024 10:40 م

الصراعات وسائل نهب الثروات !

الصراعات وسائل نهب الثروات !

نهب ثروات الأمم والشعوب يتحقق بإلهائها بالصراعات الداخلية والمحيطية أو الإقليمية , فحالما تدخل في متوالية الصراعات الهندسية الطباع , تبدأ مسيرة الإبتعاد عن الثروات وإستخدامها لتمويل الصراعات , ومعها تنطلق برامج ومشاريع نهبها وأخذها بأبخس الأثمان , لأن أصحابها سيُرهَنون بالصراعات , وسيستنجدون بالسُراق لكي يزودونهم بالسلاح والعتاد , والذين سيمعنون بتأجيج الصراعات وتطوير المقايضات , فتذهب الثروات الوطنية هدرا وكذلك الأرواح والعمران , وتتحول الدول إلى مستعمرات أو مَحميات , وقد أمعن المفترسون بإلتهام ما يستطيعونه من ثرواتها وممتلكاتها.

ووفقا لهذا القانون الإفتراسي الغابي المُقنّع بالإفتراءات الحضارية والإنسانية , تفقد المجتمعات قدرتها على الحياة , وهذا واضح في دول المنطقة التي تم دفعها إلى منزلقات الصراعات الخسرانية المحتدمة وتسعيرها إنفعاليا وعدوانيا , حتى دخلت في دوائر تدميرية مفرغة وشديدة الدوران والإحتران.

كما أنه يظهر جليا في المناطق الغنية بالنفط , كالسعودية والعراق وإيران , التي ما عرفت العلاقات الطبيعية بينها منذ أن وجد النفط فيها , بل أنها أمضت معظم القرن العشرين ولا تزال في صراعات دامية وتفاعلات أهدرت بها ثرواتها النفطية , ومنعتها عن مواطنيها , فعمّ الفقر والخراب والإحتراب.

ولا يمكن لأي مجتمع أن يحقق فائدة من ثرواته مهما تعاظمت إذا نشبت الصراعات الداخلية فيه والخارجية من حوله , لأن ذلك يعني الإستنزاف المطلق لكل ما يحتويه.

وبهذا تجد الدول النفطية قد حوّلت النفط إلى نقمة بسبب التصارعات المؤججة والمُدبرة لها , والتي وقعت فيها مرارا وتكرارا وما إتعظت ونظرت بعيون العقل والإبصار السليم , فأضاعت ثرواتها وبددتها بشراء الأسلحة المنتهية الصلاحية لقتل المواطنين , بعد أن تسميهم بمسميات وفقا لما يبرر الإنقضاض عليهم وإبادتهم عن بكرة أبيهم.

وعليه فأن القول بالإستثمار والإستفادة من الثروات يجب أن يرتكز على العلاقات الإيجابية الداخلية والخارجية , وأن يتوفر الأمن والأمان والمحبة الوطنية , والتعايش الإنساني السلمي المساهم في تثمير وتحقيق المصلحة المشتركة للجميع.

إن عدم وعي هذه الحقيقة القاسية , وإغفال ما تتسبب به من تداعيات مريرة في المجتمعات التي تُسمى ثرية , وما هي إلا في أدقع حالات العوز والفقر , سيساهم بمزيد من نهب الثروات ومصادرة الهوية والمعالم المكانية والحضارية للمجتمع , خصوصا عندما يلد ذلك المجتمع نُهابا وسُراقا من بين ظهرانيته يتعاونون مع كل نهّاب وسرّاق لئيم , يسعى لتجريد المواطنين من حقوقهم ومنعهم من التمتع بثروات بلادهم.

فهل سيدرك المغفلون غايات الصراعات وقرع طبول الحروب ما بين أبناء الأمة الواحدة؟!!