“أذا وضعت أحد فوق قدره فتوقع أن يضعك دون قدرك” لأمير المؤمنين علي عليه السلام.
ما جاء في بعض الكتب المالكية، لحكايات المعارك الأنبارية، أشعل فتيل الأزمة لمشهد مخجل ومؤلم تراه، أوقد حرب طائفيةً، وردود فعل متباينة، جعل غشاوة الصورة بعين المتلقي هي السائدة، وبات لا يفرق بين نصرة المذهب، والطائفية المقيتة !
التفريق بين الطائفية ونصرة المذهب، له آلياته المناسبة ووسائله، الثقافية، والمنهجية، وربما ذلك يرتبط أرتباطا ً وثيقاً بخلفيات العلاقات الأجتماعية للنسيج العراقي، الذي أمتاز بتعدد الطوائف، والقوميات، والمذاهب، ولاشك أن التعدد هو نعمة من نعم الرحمن، لكن البعض أستغله لإبرام محارق تلو المحارق! فهل ذاك فعل يخدم المذهب؟ وينصر القضية؟! وهل يوجد من يعالجها بشكل علمي، يتناسب وحجم المخاطر التي توجهنا؟
أن معركة الجيش العراقي ضد الأرهاب، في صحرار الأنبار، بغض النظر عن التوقيت واستراتيجيات تلك الحرب، وحد جميع الكتل السياسية المتخاصمة، ولا نعلم أن كان ذلك التأييد، على نحو الرحب والسعة، أم على مضض! لكن الواضح أنهم مرحبون! إن صدقت النوايا في البحث عن علاج سوي لأزمة الأنبار، فيجب أن يكون علاج خالي من الطائفية، مستوحى من البذور الطبيعية للقشرة العراقية، يحوي على مواد حافظة تحفظ للعراق هيبته، وكرامته، بكل قومياته ومذاهبه، بعيداً عن تظليل الشيعة، والتطاول على مشاعرهم، بحجة أن السنة خصمهم. “ولاتزر وازرة وزر أخرى”
في خضم هذا الجو المشحون بالطائفية برز على الملأ خطاب واقعي لواقع غير واقعي! برز من ينادي بأعمار الأنبار، عله يلهي شبابها بالعمل على بناء محافظاتهم، بدل الأنخراط بصفوف الأرهاب، برز من يطالب برصد ميزانية خاصة لدعم العشائر، التي تقاتل الأرهاب بكل اسمائه وعناوينه، برز من ينادي بأنشاء قوات الدفاع الذاتي من عشائر الانبار، لتكون مهمتها تأمين الحدود الدولية والطرق الاستراتيجية في المحافظة، ودمجها بتشكيلات الجيش العراقي، على ان تكون قواتا خاصة بمحافظة الأنبار، وبقيادة أبنائها من القادة العسكريين، برز من يدعو لتشكيل مجلس أعيان الانبار، الذي يمثل القوى العشائرية في المحافظة، ومنحه الصفة الرسمية مما يساعد على وضع استراتيجية، عمل للمحافظة بعيداً عن التجاذبات السياسية والاقليمية، وان تكون الخطوات المتجه في معالجة واقع المحافظة مدروسة، وواضحة للجميع ومستقاة من رؤية شيوخ ونخب أهل الانبار انفسهم.
واقعية خطاب زعيم المجلس الاعلى عمار الحكيم، لا يدركها الا من جاء بمشروع وطني ويؤمن بالأنفتاح على الآخر، كونه الشريك الواقعي في البلاد، ولا ينسجم هذا الخطاب مع طموحات وتطلعات “اصحاب المحرقة” كونهم يؤسسون لدولة تكره أهل السنة، وتكره الشيعة ايضاً ! لكن للاول كره ظاهر، وللثاني كره باطن، بدليل أن الشيعة والسنة في العراق هم المفلسون.