بدءا وقبل الشروع , لابد من الركون والتسليم الى ان مبادرة وثيقة الشرف والسلم الأهلي التي اشهر ورقتها نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي , قد اعترفت شكلا ومضمونا بأن هنالك تشوهات قيمية في مفردات المفاهيم الوطنية وأسس التعايش الاجتماعي داخل البيت العراقي بشكل عام, وهو ما يعطي التبرير والأهمية لتداول هكذا مشاريع إصلاحية تقويمية من اجل إجراء إحداث عملية الترميم والشد في تراكيب المؤسسة العراقية التي باتت تحت مرمى الاستهلاك السياسي و سوء الاستخدام السلطوي , وهو ما جر في تبعاته الى تقاطع واقتطاع ومقاطعات فضلا عن انسدادت سياسية, يرتقي البعض منها الى درجة الإنعاش في شريان المشروع العراقي ما بعد سقوط النظام الشمولي عام 2003و بالتالي فأن صراع الكراسي قد تخفى تحت عناوين مختلفة , فتارة يطفو على السطح بزة عسكرية وتارة فقدان للهوية وتارة طوئفة وطائفية, حتى أصبح النسيج الاجتماعي العراقي طريح العلل التأسيسية الداخله في مفاعل التوليد الوطني , فأمسى رقم الوصول وبعد عشرة سنوات من التجربة اقل قيمة من نقطة البدء والانطلاق, وهو خلاف المنطق والحساب, فأذا ,نحن اليوم أمام طلاسم و معضلات اكثر من كونها اختلافات وأزمات, ففي بدئ المرحلة الانتقالية قد بوبت الأخطاء على أنها حركة طبيعية في مسار التحول الديمقراطي الناشئ في العراق , ولكن ان يصبح البيت العراقي مفقس كبير لتوالد الاهتزازات والانهيارات السياسية ومايتعلق بها ويتركب ضمنها من محاور أمنية واقتصادية وثقافية وبعد اقتطاع الأشواط وما ترافق معها من احتراق للوقت و فداحة في الأموال وجزالة في الدماء , فأن ذلك قد يضعنا أمام خيار قلب التربة وإعادة حرثها, والأ فالمعالجات اغلبها باتت تدور في فلك الإسعافات لأولية.
وثيقة الشرف الوطني والسلم الأهلي , حقيقة عنوانا مهما في سجل الحاضر السياسي ونحن نتضامن مع مواثيق طياته , غير اننا نحتاج التوقف في اعتاب ما يرمي اليه , من رأب للصدوع المذهبية واسدال للستار على فصول من الحماقة السلوكية التي نالت من ثوابت الوئام الاجتماعي العراقي , على شريطة ان لا نقفز الى الأمام بأخطاء الماضي , وعليه لابد من الاعتراف أن الأزمة العراقية في الكثير من جنباتها إعراب لأجندات ومشاريع إقليمية , ترجمت بمفردات عراقية, فاختلاف الاتجاهات الحزبية وصراع الوصول الى السلطة , قد رحل مفاهيم الاختلاف في الرأي الى عتبات الخلاف الأيدلوجي في الفكرة والمفهوم, فيجب ان تبنى الحلول من إدراك حقيقي واقعي لمواطن الاختلال والخلل لا من واقع الجمال والمجاملة, فأذا ما قلنا وثيقة سلم اهلي او اجتماعي لابد من الالتفات أولا, نحن الان اين نقف الان من ذلك العنوان بما يدل ويؤشر لماهية المشهد ؟, ومن ثم الانجرار وراء استكمال ادوات التطبيق لشكل ومضمون السلم الاهلي او الاجتماعي بما يحتاج من حاكم حكيم, وتدوال سلمي للحكم وعدالة اجتماعية وحرية في التعبير , فهل البيئة السياسية في العراق قادرة على تطويع تلك المفاهيم المدنية بأطار سلطة؟؟. هل تمتلك من الثقافة الديمقراطية التي تؤهلك ان تكون خارج المنصة السياسية اذا كنت جزء من الخطأ؟؟. وهو ما يقتضيه الثابت الوطني , ويطلبه الشرف السياسي.