23 ديسمبر، 2024 10:22 م

الشبعة والسنة في العراق من تفاهة الدين الى قذارة المذهب!

الشبعة والسنة في العراق من تفاهة الدين الى قذارة المذهب!

الدين مجموعة من القيم الثابتة والمفاهيم الهلامية التي تطرح تصورا متعاليا للحياة عبر ربطها لاصول غائبة غير خاضعة لمتغيرات الزمان في نص منزل لايمكن دحضه او مواجهته او محاكمته، فيما يشير التدين الى مجموع الاجتهادات التي يبتكرها الفرد او الجماعة في حراكهم لانزال ذلك الثابت المتعالي وتجسيده في فعل مرئي يمكن رصده وتحسسه فضلا عن تحركه في متغير زماني مجسد.

واذا كان الدين يطرح المقدس بقيمته الاعتبارية الرمزية المفتوحة بطريقة غامضة وغائمة لكي يظل متوهجا في اطار التأويل فان التدين يوفر فرصة لاختبار المقدس والخوض فيه سواء من خلال تجسيد ابعاده التجريدية في حركة معلنة او من خلال اختراع نائب عنه يمكن له معايشته او استحضاره رمزيا في ذلك الوعي الابتدائي لذلك فان الانسان حين يجد وسائل معرفية كافية لاعادة تجربة المقدس يكتفي بما لديه في معايشته للمقدس فيما يلجأ الانسان الامي الذي لايملك ادوات بديلة تغنيه عن البحث عن طريقة ما لاكتشاف المقدس وتجربته للتطرف في بدائله البدائية لكونه بحاجة ماسة لامتلاك المقدس رمزيا وهو الامر الذي يفصح لنا كيف يتطرف الانسان الجاهل في اختراع وسائل متوحشة في طريق تدينه وهو بذلك يلقي نفسه في وحل الايديولوجيا دون وعي بها و كل ايديولوجيا في حقيقتها (عقيدة) تكتسب قداستها من مشروعيتها الاحادية في نظر الدعاة اليها حتى ليغدو الايمان بها والدعوة اليها واجبا اخلاقيا ، ومن هوامشها الوجدانية التي تجعل الاتباع ينظرون لها بوصفها حلا اوحدا نهائيا لايمكن دحضه ، فتشتبك في تكوينها عناصر عقلية وعناصر عاطفية,وامتزاج العناصر العقلية مع العناصر العاطفية ينتج سلوك الافراد والجماعات التي تنتمي الى هذه الايديولوجيا,واحيانا يتغلب العنصر العقلي على العنصر العاطفي، فيصبح الايمان بها مرنا يستطيع ان يرى الاخر شرطا لوجوده بشروط ذرائعية تكون الغاية منه ادامة الهيمنة والسلطة والترويح للمساحات الفارغة التي تحتمها احتمالات التمدد الايديولوجي .

واحيانا يحدث العكس,فيتغلب العنصر العاطفي على العنصر العقلي,ويكون السلوك بوهيميا يعمد الى ردم المسافة مع الاخر باسباب غير عقلائية وغير منطقية فيغدو الاخر حينئذ مجالا حيويا حتميا لحركة الاتباع في الترويج والدعوة .

واذا كان المجتمع عادة يتحرك بايديولوجيات مصنّعة بحاجات محلية تفترضها المرحلة وطبيعتها والصراع داخل المجتمع وتحولاته فان الدولة تظل حاضنة لتلك الايديولوجيات المصنعة لان معيار المجتمع انفعالاته وتوجهاته الوجدانية الفظة المتحركة في اطار العادات والتقاليد والقيم المتوارثة والولاءات الناقصة فان الدولة تتحرك بمعيارية القانون الذي لايستمد مقوماته حتما من حاجات نوعية ، وعلى المجتمع ان يسعى لابتكار الدولة والترويج لها ان اراد بناء نظام نموذجي لان الاتكال على نزوات المجتمع في الترويج للدولة يؤدي الى شرعنة الانقسام والنظر للعدوان على الاخر ببطولة ذلك ان الولاءات التامة عند جماعة ما هي ناقصة عند طرف اخر ولايمكن الجمع بين الاضداد الا من خلال الترويج لمنظومة محايدة لاتعتمد في تشكيلها على اليات نوعية تخص فئة ما لعلها تجد فيها منقذا فيما تراه غيرها عدوانا واسفافا في التطاول على مشروعية بقائها.

وعلى وفق ذلك فان اية دعوة مهما كانت مقدسة او تحمل في اجنتها مظلومية حقيقية لايمكن لها ان تبني دولة لان الاعتماد على ذلك في بناء المجتمع يقودنا حتما الى وجود متضاد معها فكرا او منهجا ، الامر الذي يقود حتما الى التشتت. وهذا هو حال الشيعة والسنة في العراق دين هلامي مبني على رفض الآخر وكرهه وطائفية سياسية بغيضة قائمة على أساس الحق التاريخي في الحكم المستنبط من فقه السلطة السنة في العراق حاكمين على الدوام او حواشي للمنظومة الحاكمة وسيافيها واية سلطة تحكم فانها تتعايش مع الواقع بصفته مصدرا نهائيا للحقيقة ولاتدع مجالا للمثال او الاحتمال ان ينمو لان ذلك سيفسد حتميتها المفترضة لذلك فان منظومتها القيمية جامدة تتوقف عند حدود الصحراء التي تؤلف على طول التاريخ المنبع الاساس المغذي لكل افكار الاسلام الحاكم لان الحركية في تناقض مع السلطة حتما.

ولان الايديولوجيات العربية مابعد العثمانية قد جعلت من الاسلام السني حجر الزاوية الذي ستقام عليه ابتكارات العروبة وغيرها فان السنة العراقيين لم يتيحوا للافكار الغربية ان تتغلغل في صفوفهم واتخذوا من الاسلام نقطة بدء وانتهاء لانهم يعتقدون انه رصيدهم الرمزي في الحفاظ على السلطة لذلك نمت الافكار التنويرية لدى الشيعة حصرا وغيرهم من الاقليات كالمسيحيين ايضا واليهود ساعدهم في ذلك تعبئهم بالافكار المثالية التي تبحث عن منطلقات جديدة لاجل التحقق.

وعلى وفق ذلك يمكن لنا فهم انشداد السنة العراقيين لداعش وافعالها ولن نجد استنكارا حقيقيا لافعالها ليس لان داعش وسيلة(منكَاش نار) يحققون من خلاله تطلعهم بالعودة لسابق مجدهم بالحكم فقط وانما لان الطبيعة الجوهرية لفكر السنة العراقيين الديني والاجتماعي يتماهى في جوهره مع الطبيعة المتوحشة لداعش الا ماندر منهم ، فداعش مهما شذبنا وحشيتها تمثل افرازا طبيعيا وخلاصة منطقية للفكر السني العراقي والضمير النائم المغطى لطبيعة نظريتهم تجاه العلاقة مع الاخر. فلاغرو اذ نجد ان كثيرا من اليزيديين والمسيحيين والشبك يشكون ان جيرانهم العراقيين السنة هم اكثر انتقاما.