19 ديسمبر، 2024 12:17 ص

السید محمد باقر الصدر محنة تتكرر

السید محمد باقر الصدر محنة تتكرر

ليس من اليسير خوض غمار البحث والدخول الى عالم السيد محمد باقر الصدر( قدس سره ) رغم إنه كان يتوخى الوضوح في جميع اطروحاته
ومؤلفاته، إلا ان صعوبة الخوض وإماطة لثام البحث تكمن في عدة أمور منها:

اﻷمر الأول: اﻵثار العظيمة التي تركها لنا الشهيد محمد باقر الصدر والتي لحد الآن لم تعط حقها من قبل الدارسين والباحثين سوى مجرد
المحاولات البسيطة التي لا ترتقي الى مستوى فكره العميق.

اﻷمر الثاني: إن السيد الشهيد محمد باقر الصدر كان مدرسة كاملةً بحد ذاتها في الوعي والعلم والجهاد، وقد أمتدت هذه المدرسة ونمت وترعرعت
وازدهرت وتكاملت على يد تلميذه اﻷعظم الشهيد محمد الصدر(قدس سره)، واستمرت على يد السيد مقتدى الصدر الذي كشف لنا الكثير من جواهر
وأسرار هذه المدرسة من خلال دوره كقائد وزعيم وطني يتخذ من هذه المدرسة منهجاً يسير عليه مما أدى الى معرفة الكثير من اسرار هذه المدرسة
وفي أصعب الظروف والازمات، وهذا لوحده يحتاج الى بحث متكامل لا تسعه هذه المقالة، ولا يمكن أن ننسى ونغفل عن أحد أهم أمتدادات مدرسة
محمد باقر الصدر أعني السيد موسى الصدر ﻷنه كشف عن جوانب مهمة لهذه المدرسة وقتئذ لما أتيحت له من ظروف مناسبة في لبنان….
وكذلك الدور العظيم الذي قامت به العلوية الطاهرة بنت الهدى وما تركته لنا من آثار علمية وأدبية…
هذا كله يكشف لنا سعة وضخامة هذه المدرسة مما يزيد من صعوبة خوض غمارها…

اﻷمر الثالث: الخيانة والتشويش من قبل من يدعي وصلا بالسيد محمد باقر الصدر، والذين أفسدوا في السابق خصوصاً بعد إستشهاده، فصاروا
مجرد ذيول رخيصة ﻷعداء السيد محمد باقر الصدر، وبعد أن تمكنوا من السلطة تحولوا الى طغاة ومفسدين في اﻷرض مما أدى بالنتيجة الى
إهمال فكر وعطاء السيد محمد باقر الصدر، ومحاربة كل أمتداد طبيعي لمدرسته وحركته الى درجة التباهي والافتخار بهذه المحاربة وخير شاهد
الصولة الظالمة الغادرة التي دعمتها بقوة دول الاحتلال وعلى رأسهم أمريكا، وغض الطرف عنها ظاهرا من يدعي العداء للشيطان اﻷكبر..
هذا مجرد شاهد من شواهد عديدة على هذه الحرب القذرة المسعورة التي يشنها الكثير على الشهيد محمد باقر الصدر ومدرسته وحركته…

اﻷمر الرابع: الشعور بالنقص والدونية تجاه فكر الشهيد محمد باقر الصدر من قبل الكثير من انصاف الباحثين والمثقفين! مما أدى الى تعمد
غض النظر بل التجاهل التام لهذا الفكر الخلاق وأمتداداته الحقيقية التي تمثل اللاعب اﻷساسي في المشهد العراقي في الوقت الحاضر.
وغيرها من اﻷمور التي زادت من صعوبة خوض هذا الغمار، ولكن هذا لا يكفي أن يكون عذراً بل هو بحد ذاته حافزاً وتحديا كما لا يخفى عن
وجدان اﻷحرار.
في نيسان تطل علينا ذكرى أليمة ، ذكرى إستشهاد الرمز الوطني المفكر العظيم السيد محمد باقر الصدر(قدس سره)..
وفي كل سنة وكل ذكرى تمر علينا نلاحظ أن الظلم يزداد على صاحب الذكرى فبدل أن يغتنموا الفرصة في أن يعودوا الى الرشد، يعودوا الى
أحضان هذا الشهيد العظيم من خلال نشر الوعي والمحبة والتسامح والتحلي بالصلاح وإصلاح ما أفسدوه وما عملوه من ظلم إجتماعي وما تسببوا
فيه من دمار وخراب وفقر وجوع، بدل ذلك كله، فقد قضوا على كل بارقة أمل لنشوء العدالة الاجتماعية التي ضحى من أجلها السيد محمد باقر
الصدر…
تمر علینا هذه الذكرى الحزينة -ذكرى استشهاد محمد باقر الصدر-، ونحن نعيش محنة أخرى..
وها هو اﻹمتداد الطبيعي الحقيقي الشرعي للسيد محمد باقر الصدر–مقتدى الصدر– يهدد بالقتل والتصفية الجسدية لا لشيء إلا ﻷنه إستطاع أن
يرجع للشعب إرادته ووجوده كي لا يتمكن منه الطاغوت…
اذن بات واضحاً أن من يسير على نهج محمد باقر الصدر فإن مصيره التغييب والاختطاف كما حصل للسيد موسى الصدر (فرج الله عنه)..
أو القتل والتصفية الجسدية كما حصل للسيد محمد الصدر ونجليه ومن قبلهم العلوية بنت الهدى…
أو التهديد بالقتل والاغتيال كما حصل مع السيد مقتدى الصدر (حفظه الله من كيد اﻷعداء)..
إن ذكرى إستشهاد محمد باقر الصدر زادت من آلامها آلاما وزادت من أحزانها أحزانا، فالعراق مقبل على أيام سوداء وسنين عجاف ما لم يصح
الكثير من أبناء الشعب من غفلتهم! ويلتحقوا بصفوف أخوتهم المتظاهرين الرافضين للظلم والفساد…
فالوقوف على التل موقف المتفرج هو الفساد بعينه فضلاً عن الوقوف مع الفاسدين…