من يتابع السينما والدراما العربية ويلاحظ حجم التفاهة والمستوى الهابط الذي وصلت له قد يتسائل عن سبب هذا الهبوط الواضح وما هي المبررات التي من الممكن ان تقنعنا لنتقبل ما وصلنا له وأي الاعذار ممكن ان تنفع في مثل هكذا أمور ؟!
واقعاً لا يمكن فصل السينما والدراما عن الواقع الفكري والاجتماعي للمجتمع العربي ، فهي انعكاس شبه تام للأفكار والوقائع والاحداث التي تشغله وتستحوذ على جل اهتماماته ، وبمقارنة بسيطة بين السينما العربية في بداية النصف الثاني من القرن العشرين مع السينما والدراما في القرن الحادي والعشرين نستطيع ان نرى ما يشغل الفكرين في الحقبتين الزمنيتين من خلال الأفلام والمسلسلات التي تناولت جملة من القضايا ، بينما نشاهد القضايا السطحية والتسطيحية التي تتناولها السينما الان من خلال تركيز جل اهتمامها على قضايا وقصص الحب ( الغير شريف ) وضياع الشباب والقتل والليالي الحمراء ، نشاهد ان أفلام الحقبة الاولى كانت تتناول القضايا المصيرية للأمة واعتقاداتها وصراع التيارات الفكرية التي تتنازع داخل الأمة لتتشكل على اساسها الهوية العربية والتي كانت تتزاحم عليها التيارات الاسلامية والتيارات القومية والتيارات الشيوعية مما جعل السينما والدراما ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه القضايا لتقف بوجه التحديات بغض النظر بصف من تكون !
نستنتج من ذلك كله نوع القضايا التي شغلت العقل العربي في الحقبتين وحجم التباين والاختلاف بين الفكرين والاهتمامات التي استحوذت على المجتمعات العربية وكيف انها تركت تلك القضايا المصيرية والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهويتها ومصيرها ووجودها ليكون جل ما تتناوله وتعبر عنه جملة القضايا التي تعبر عن الواقع العربي الحقيقي وما وصلت اليه من ضياع وفقدان البوصلة التي بحثت عنها سابقاً وان كانت لم تجدها فهي الان لا تبحث عنها أصلاً . !