ما اعلنه الوزير رافع العيساوي لم يكن مفاجأ ،لكن المفاجئ هو ان وزير المالية لم يعد يطيق استمرار عملية نهب املاك الدولة والتي يقوم بها سياسيون متنفذون من كل الاحزاب والقوى السياسية الحاكمة بدون استثناء. ويبدو ان العيساوي قد ضاق بالحاح وجشع بعض السياسيين من القائمة العراقية فأعلن عليهم غضبته وهددهم بفضح اشخاصهم وعرض في مقابلة تلفزيونية وثائق تدينهم.
ما تحدث عنه العيساوي كان غيضا من فيض، فالعملية اكبر واوسع واخطر . ففي بغداد استولت بعض الشخصيات السياسية الحزبية على احياء واسعة ، وفي منطقة الكاظمية قد ابتلعت العقارات المملوكة للدولة من قبل سياسين معروفين وحتى البساتين المحيطة بالمدينة والعائدة للبلدية او للمالية قد بيعت بسعر التراب وجرى تحويلها بعد ان تملكها المتنفذون الى اراضي سكنية وتم تجريف بعض البساتين وبيعها قطعاً صغيرة للراغبين في بناء مساكن عليها .وفي المحافظات ايضا استولت الاحزاب الحاكمة على املاك الدولة بطريقة شرائها (قانونيا)!! حيث سهلت دوائر المالية(دائرة عقارات الدولة) والفاسدين فيها والبلديات بيع هذة الاملاك بمزايدات وهمية وسجلت بأسم ابناء وزوجات واقارب كبار السياسيين ، وليس بأسمائهم ،خشية الفضيحة في حال تعرف الناس على المالك الجديد!
الان ،وبعد ان ابتلع السياسيون املاك الدولة،بدأوا وبمعاونة الفاسدين في دائرة عقارات الدولة التابعة لوزارة المالية، حملة جديدة لطرد كل ساكني الدور المملوكة للدولة والتي يشغلها الموظفين او الفقراء، بشراء تلك الدور بالطرق (القانونية) . حيث تعرض دائرة عقارات الدولة تلك الدور للبيع بالمزايدة العلنية . وتجري المزايدة تلك بطريقة رفع سعر الدور الى اعلى حيث يعجز الموظف الساكن الذي اعطاه القانون افضلية في شراء العقار عن المنافسة حين يرفعوا اسعارها الى رقم خرافي لا يستطيع معة الساكن من دفع الثمن وحتى في حال تقسيطه . ثم ان المطلوب من الساكن للعقار الحكومي ان يدفع مقدمة بنسبة 20 بالمئة وهو _اي المبلغ_بعد رفع السعر لانة فوق طاقتة .وهنا يباع العقار الداخل ضمن المزايدة على المتنافسين الاثرياء ،ويطرد الساكن منه.
والعملية هنا (قانونية) شكلا ولكنها ظالمة جدا ، فالدولة ليست تاجرا وهي غير محتاجة او فقيرة تعتاش على بيع املاكها، اذ لديها وفرة مالية بمئات المليارات . وهي غير مضطرة للبيع في هذا الحال . ثم ان الدولة او الحكومة الحريصة من واجبها ان توفر السكن والتعليم والصحة لمواطنيها. والسكن له اولويه في هذا وعلى الدولة أن لا تتعامل مع مواطنيها بروح التاجر الشايلوكي. يقول الدكتور العيساوي وزير المالية انه اخبر رئيس الوزراء بالضغوطات التي تعرض لها لبيع عقارات واملاك الدولة الى سياسيين متنفذين وان المالكي قد ايده في موقفه. وما يأمله المواطنون وخصوصا منهم من يسكن عقارات حكومية من الموظفين او الطبقة الفقيرة هو حمايتهم من الذئاب المسعورة التي تريد تشريدهم بعد ان تطردهم من مساكنهم.