في سجون البلدان المتخلفة ومنهم بلدنا العراق يقبع المحكوم في سجنه وهو يتعرض لأبشع أنواع القهر والاضطهاد والابتزاز وانتهاك حقوق الإنسان ، وقد يلومني بعض القراء في الدفاع بعض الشيء عن السجناء أي كانوا سواء من المجرمين أو الإرهابيين وغيرهم ممن ارتكبوا الجرم بحق المجتمع وكثير منهم من الناس البريئين ممن تلصق بهم التهم جزافا ، ولكن الذي أريد أن أصل إليه إن السجون في أوربا و أمريكا وغيرها من العالم المتقدم تخضع السجين إلى فحوصات طبية ونفسية وبإشراف أطباء أخصائيين ونفسانيين بهدف التوصل إلى أسباب الجرم المرتكب و ماهو دوافعه لغرض وضع الحلول المناسبة على مستوى المجتمع ،كما أن السجين طوال فترة سجنه يتمتع بحقوقه كانسان وليس كوحش او حيوان في قفص وذلك لان هذه الدول تعرف نتائج ردود الفعل لهذا المجرم عند خروجه من السجن وماهي الأمراض النفسية التي تصيبه و التي تؤدي به إلى ارتكاب جرائم اعنف مما ارتكبه في السابق ، بل يعاد تأهيل هذا المجرم لكي يكون إنسانا منتجا وسويا في المجتمع بعد انقضاء محكومتيه في حين أن سجوننا تعج بأنواع وخليط من المجرمين والبريئين والمعارضين وهم في معظم الحالات يتعرضوا لأنواع القهر والتعذيب والانتهاك والظلم مما يجعل السجون عبارة عن مدارس لتخريج المجرمين المحترفين والناقمين على المجتمع ككل وحتى الصالح والبريء منهم فان عدوى الأجرام قد تنتقل له او تكون نتيجة ردة فعل هذا الظلم مما يولد ثأرا ونقمه مكنونين في داخله ممكن إن تخرج منه عند اللحظة المواتية ، هذا ما لاحظناه منذ العهود السابقة التي حكمت العراق في حال السجناء ابتداء من زمن العهد الملكي وما فعلة مع الشيوعيين في سجن (نكرة السلمان) في صحراء السماواه وما قاموا به من عنف وقتل في ثورة الشواف في مدينة الموصل وكركوك وغيرها إلى السجناء من القوميين والبعثتين وما رفقه من حالات القتل والانتقام ضد خصومهم من الشيوعيين إلى عهد حزب البعث حيث خرجت السجون ألاف المعارضين والمجرمين من سجون أبو غريب والأمن العام إضافة إلى عودة أسرى الحرب من إيران بعد أن ذاقوا مر العذاب هناك وحتى الاحتلال الأمريكي للعراق من عام 2003 وما قام به الاحتلال من سجن آلاف من الشعب العراقي بحجة المقاومة والإرهاب وغيرها في سجون أبو غريب والمطار وبوكا في البصرة ،وقد تقصد الاحتلال الأمريكي بعزل المساجين طائفيا وترك لهم حرية التنقل والاتصال مما جعل هذه السجون مدارس للقاعدة والمليشيات وغسيل الأدمغة وانطلاقه للعمليات الإرهابية والقتل والجريمة بحق الشعب العراقي وانتهاج الأفكار المتشددة والمتطرفة لاحقا علما أن الأمريكان كانوا يعرفون جيدا مايحدث في السجون من خلال جواسيسهم وكاميرات المراقبة ولكن كانوا عن قصد يعدون جيلا من الإرهابيين والمجرمين بهدف تدمير البنية الاجتماعية العراقية مستقبلا ناهيك عن الانتهاكات والتعذيب الجسدي والنفسي التي تعرض لها المساجين العراقيين في سجون المحتل وكانت فضيحة سجن أبو غريب خير شاهدا على ذلك، وقد أكمل المشوار الحكومات العراقية مابعد الاحتلال حيث انتهجت نفس النهج التعسفي الأمريكي والسابق في زج الكثير من الأبرياء في السجون نتيجة القانون 4 إرهاب سيء الصيت والمخبر السري وانتهاج سياسة طائفية ضد مكون معين وكانه هو المسئول عن أخطاء الماضي ونتيجة الأمراض النفسية
وروح الانتقام للحكام والمسئولين الجدد ، إذا إننا ندور بنفس هذه الحلقة المفرغة من العنف والإرهاب والأجرام والثأر الذي يضرب مجتمعنا العراقي ويهدم كل أركانه وتعميق عرف العشيرة والطائفة والقومية والدين بدلا من احترام القانون ، وكان أخر هذه النتائج الكارثية المذابح الطائفية والتفجيرات وسيطرت داعش على ثلث العراق، فبدلا من نجد أسباب وحلول لأصل هذه المشكلة تعمدت الحكومة على معالجة هذه النتائج البشعة والمخيفة ليس بالنظر إلى أصل المشكلة ومعالجتها والوقوف على أسبابها بل عمدت الإكثار من السجون والمعتقلات ، وبدلا من تعميق احترام القانون والكل يجب أن يكون متساو أمامه ومحاسبة السراق والمتلاعبين في المال العام مهما كان موقعه في الدولة وإعادة الثقة بالا جهزه الأمنية والشرطة والجيش لكي تكون قريبه من المواطن وتحميه وليس سيف مسلط عليه في خدمة الحكام الفاسدين . أتسأل هل بالإمكان أن يتحقق ذلك ؟ ونكون دولة القانون فعلا ؟ وحتى نرضى بنصف ذلك مسقبلا ؟ بالنسبة لي لا أجد بصيص أمل ، لان السراق والمجرمين وذوي التاريخ الأسود تم تكريمهم من خلال مناصب عليا في الدولة ووزارات ابتدءا من نوري المالكي إلى صولاغ أبو الدريلات إلى العامري أبو الطائفية والتصفيات وحتى قاسم الفهداوي و سلمان الجميلي واحمد الجبوري وابن عمة قتيبة الجبوري وصولا إلى العميل مشعان الجبوري الذي تكافأ مؤخرا وأصبح عضو في البرلمان ! فالكل محتمي بحزبه ومليشياته ، فأ ي مهزله هذه ؟ ولا تستغربوا أعزائي القراء مستقبلا سوف يكرم المجرمين من أبو درع وغيره من القتلة من داعش والقاعدة في جريمة سبايكر والتفجيرات ويتولوا مناصب مهمه في الدولة بدلا من معاقبتهم ، فالسجن والقانون يطبق برأس المسكين والفقير حصرا ، وختاما يقول الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وسلم) ( يأيها الناس إنما اهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) فهل نتعظ ؟ والمضحك إننا لازلنا نسمي السجون إصلاحيات !