17 نوفمبر، 2024 8:26 م
Search
Close this search box.

الرمز العراقي المفقود…!

الرمز العراقي المفقود…!

محنة العراق الأساسية ومنذ تأسيس دولته تكمن في غياب الرمز العراقي الوطني.
فقد فشل قادة العراق كافة في صناعة ذلك الرمز , إبتداءً من الملك فيصل الأول الذي كان من الممكن أن يبني الرمز الوطني , ويرسي دعائم السلوك السياسي العراقي اللازم لتقدم وتطور البلاد.
لكنه فشل فشلا ذريعا , مما أدى إلى تداعيات النهاية الأليمة لأسرته , ذلك أنه قد حكم وفقا لنظرة سلبية غير واقعية عن المجتمع العراقي كما وصفها في أقواله.
بينما نجح الملك عبد العزيز بن سعود أن يقيم نظاما متواصلا , ويكون رمزا وطنيا لقبائل ودويلات مشرذمة فجمعها في دولة تحمل إسمه.
وفي عهد الجمهوريات العراقية لم ينجح العراق في إيجاد رمزه الوطني القادر على الأخذ بيده إلى آفاق العصر  , وبرغم الفرص المتكررة لكن الرمز مفقود.
ومن أهم الأسباب عاملان هما النفط والكرسي , فكل حاكم عراقي يغيب في الكرسي ويختنق بالنفط الذي يحجب دخانه وضوح الرؤية والبصر.
وبعد سقوط عهد الجمهوريات عام ألفين وثلاثة , جاء عهد آخر, وتوفرت فيه فرصة وأخرى , لبناء الرمز العراقي الوطني ولو متأخرا, لكن الجميع سقطوا ضحايا العاملين وأضافوا إليهما عوامل أخرى ذات طاقات تدميرية  عالية ومتواصلة.
وبهذا فأن العراق بلا رمز وطني وبلا دليل أو خريطة مسارات مستقبلية.
العراق كالسفينة التائهة  في عرض البحر , وربانها سكران بالأفكار والتصورات والإنحرافات والرغبات  , ومدمن  على التعبير عن الإرادات المضادة للعراق.
نعم إن العراق سفينة ربانها جميعا أصابهم الغثيان وطوّح بهم زحلاوي الكراسي , ونبيذ النفط اللذيذ الذي أسكرهم وأسكر ذويهم ومقربيهم , وحوّلهم إلى دمى  بيد الطامعين بثروات البلد المقهور المسلوب الإراة والمصير
وهذه المحنة العراقية الأليمة , سببها العراقيون أنفسهم , لأنهم أخرجوا العراق  الوطن من وعيهم وتم إحلال توصيفات أخرى محله , فصار العراق يأتي بالدرجات الدنيا  وتتقدم عليه حالات أخرى, كما ذكر ذلك أقوى كرسي في البلاد والذي لم يكن العراق في عرفه أولا.
وليس غريبا أن تتواصل التفاعلات السلبية ويختل التوازن ويدخل المجتمع في مسيرة مجهولة.
إن العراق لا يمكن أن يكون معاصرا , إذا لم يصنع الرمز الإنساني والأخلاقي اللازم لصيرورته الصحيحة, كما فعلت مجتمعات الدنيا المتقدمة والمتنورة برموزها الوطنيين الأوفياء الصادقين.

أحدث المقالات