23 ديسمبر، 2024 7:06 ص

الرقابة المالية سلطة رابعة!!

الرقابة المالية سلطة رابعة!!

المعمول به أن السلطات ثلاثة تشريعية وقضائية وتنفيذية , وفي الدول النفطية يجب أن تكون هناك سلطة رابعة هي سلطة الرقابة المالية , لكي يتحقق التحكم بواردات النفط بمسؤولية وموضوعية ومراقبة صارمة , تمنع الفساد والإستئثار بالموارد من قبل الأحزاب والكتل السياسية والكراسي التي تحسب النفط ملكا مشاعا.

إن جوهر الفساد في الدول النفطية هو غياب دور وسلطة الرقابة المالية, التي عليها أن تضع آليات إنسياب الواردات وتنظيم صرفها بأمانة وحزم ودقة حسابية متناهية.

فكل دينار يُصرف يجب أن يكون بعلم الرقابة المالية الحريصة على أموال الوطن , ولا يمكن لأي نظام أو حزب أو مسؤول أن يعطي الحق لنفسه ويتصرف وكأن واردات النفط من حقه لأنه في السلطة أو لديه منصب سياسي.

وبدون تعزيز سلطة الرقابة المالية في الدول النفطية , يبقى الكلام عن القضاء على الفساد لا قيمة له ولا أثر , لأن واردات النفط لا تخضع لرقابة وقانون ينظمها ويحافظ عليها , ويعلم ويرسم خرائط توزيعها وفقا لمقتضيات إدارة الدولة.

وفي العراق يتصرف بالنفط مَن يفوز بمنصب سياسي , ويعتبره غنيمته ويستحوذ على ما يستطيعه من وارداته بشتى الأساليب , فلا يوجد رقيب ولا مَن يحاسب , ولا يوجد قانون يمنعه من أخذ ما يريد , فهو لم يأخذه من أحد وإنما من الأرض.

ولهذا شاع في البلاد سلوك المكرمات , فالمسؤول يوزع مكرمات على الناس , وهي من واردات النفط , والناس يحسبونها شيئا آخر.

وقد كان في البلاد ديوان للرقابة المالية يعمل بإستقلالية تامة رغم تغير أنظمة الحكم وتعرضه لضغوط من هذا النظام أو ذاك , لكنه مضى بعمله للحفاظ على تنظيم الواردات ومعرفة أهداف صرفها ومواطنها , ويبدو أن ديوان الرقابة المالية قد تهاوى أو فقد دوره منذ ألفين وثلاثة , مما تسبب يتفشي الفساد.

ولن تنفع لجان النزاهة وغيرها من الإقترابات الواهنة , مادام ديوان الرقابة المالية بلا قدرة على ضبط واردات البلاد وثرواته والحفاظ على سلامتها من الفساد.

فالفساد عارم ودائم بلا رقابة مالية وقانون نفط صارم!!!