18 ديسمبر، 2024 11:04 م

الرذيلة: ما كان ساقطا وخسيسا من الأعمال وغكسها الفضيلة.

العفاف: الإمتناع والإنكفاء عمّا لا يّحلّ ولا يجمُلُ قولا أو فعلا.

مَن يمارس الرذيلة يكون ماهرا في إلقاء دروس ومواعظ العفاف , وكأنه يقول أتعلم الشر لا للشر ولكن لتوقيه.

وما أكثر الأراذل في المجتمعات المنكوبة بالفساد وإنحطاط القيم والأخلاق , وضياع المعايير والضوابط وقيمة الإنسان.

والمرتكبون لفعل الرذيلة , في غاية العفاف الكلامي , فهم يتحدثون عن الحرام والحلال وعن القيم الرفيعة , وعندما تواجههم تجدهم إستحضروا ما لا يحصى من التسويغات والتبريرات من كتب الدين.

فالفاسد يعرف جيدا أن ما يقوم به حرام , وليس من حقه , ويبقى في صراع داخلي , لكن هذا الصراع يهدأ عندما يجد مَن يفتي له بأن الإستحواذ على المال العام ومصادرة حقوق الآخرين , يعتبر غنيمة فهو حلال , وبعدها عندما تسأله عن مصادر الثراء السريع , يكون الجواب حاضرا ” إن الله يرزق مَن يشاء بغير حساب”, فالفاسد كما ترى عفيف كما يرى , وأن ربه قد رزقه , وفتح له خزائن الدنيا لأنه من الطيبين الصالحين , الذين على الآخرين أن تخنع لهم وتتبارك بمقامهم الرفيع المعبر عن جوهر القيم والأخلاق.

فالفاسد لا يقول أنا فاسد , والذي يتهمه بالفساد يحسب من الحاسدين , والعدوانيين على معشر الأشاوس الأبرار المؤمنين.

هكذا يتم التوفيق بين المتنافرات الفاعلات في دنيا البشر , ويكون الدين حمّال الأوجه , وكذلك التأريخ وغيرهما , فالمتراكم المعرفي يحتمل كافة وجهات النظر , ولا تسأل عن الصائب والسليم , فالحرام حلال والحلال حرام , والباطل حق والحق باطل.

وتلك مآسي المجتمعات التي أفرغت رؤوس الأجيال من المعارف العلمية المعاصرة , وحشتها بدين الفقهاء المتاجرين بالبشر بإسم الدين.

حتى تحول الناس إلى قطيع في حظائر الراتعين في ثراء وخيم , والمنفذين لإرادات الآخرين.

فأربابهم وأسيادهم وأولياء أمورهم ونعمهم يحللون لهم ما يشاؤون , بشرط أن  يفعلوا ما يطلبونه منهم.

وكذا ناعور الخيبات على رؤوس المقهورين يدور!!