الرذيلة: ما كان ساقطا وخسيسا من الأعمال وغكسها الفضيلة.
العفاف: الإمتناع والإنكفاء عمّا لا يّحلّ ولا يجمُلُ قولا أو فعلا.
مَن يمارس الرذيلة يكون ماهرا في إلقاء دروس ومواعظ العفاف , وكأنه يقول أتعلم الشر لا للشر ولكن لتوقيه.
وما أكثر الأراذل في المجتمعات المنكوبة بالفساد وإنحطاط القيم والأخلاق , وضياع المعايير والضوابط وقيمة الإنسان.
والمرتكبون لفعل الرذيلة , في غاية العفاف الكلامي , فهم يتحدثون عن الحرام والحلال وعن القيم الرفيعة , وعندما تواجههم تجدهم إستحضروا ما لا يحصى من التسويغات والتبريرات من كتب الدين.
فالفاسد يعرف جيدا أن ما يقوم به حرام , وليس من حقه , ويبقى في صراع داخلي , لكن هذا الصراع يهدأ عندما يجد مَن يفتي له بأن الإستحواذ على المال العام ومصادرة حقوق الآخرين , يعتبر غنيمة فهو حلال , وبعدها عندما تسأله عن مصادر الثراء السريع , يكون الجواب حاضرا ” إن الله يرزق مَن يشاء بغير حساب”, فالفاسد كما ترى عفيف كما يرى , وأن ربه قد رزقه , وفتح له خزائن الدنيا لأنه من الطيبين الصالحين , الذين على الآخرين أن تخنع لهم وتتبارك بمقامهم الرفيع المعبر عن جوهر القيم والأخلاق.
فالفاسد لا يقول أنا فاسد , والذي يتهمه بالفساد يحسب من الحاسدين , والعدوانيين على معشر الأشاوس الأبرار المؤمنين.
هكذا يتم التوفيق بين المتنافرات الفاعلات في دنيا البشر , ويكون الدين حمّال الأوجه , وكذلك التأريخ وغيرهما , فالمتراكم المعرفي يحتمل كافة وجهات النظر , ولا تسأل عن الصائب والسليم , فالحرام حلال والحلال حرام , والباطل حق والحق باطل.
وتلك مآسي المجتمعات التي أفرغت رؤوس الأجيال من المعارف العلمية المعاصرة , وحشتها بدين الفقهاء المتاجرين بالبشر بإسم الدين.
حتى تحول الناس إلى قطيع في حظائر الراتعين في ثراء وخيم , والمنفذين لإرادات الآخرين.
فأربابهم وأسيادهم وأولياء أمورهم ونعمهم يحللون لهم ما يشاؤون , بشرط أن يفعلوا ما يطلبونه منهم.
وكذا ناعور الخيبات على رؤوس المقهورين يدور!!