هناك علاقة محيرة بين الذين يسمون أنفسهم بالشعراء وتضخم الذات الفاعل فيهم , ويمكن الإستدلال على ذلك من الصور المرفقة بمنشوراتهم , فملامح وجوههم تفضح ذواتهم المنتفخة , والطاؤوسية المهيمنة على هيأتهم.
ومن المعروف أن المتنبي يأتي في مقدمة الذين عبّروا عن النرجسية الفاضحة , ولكن الرجل مصيب يرؤيته لنفسه , فشعره متميز وجدير بالحياة.
لا أستطيع بقناعة راسخة التفسير العلمي والسلوكي للحالة , ويمكن الإتيان بما يسلط بعض الضوء عليها.
فالشعر موهبة , ويبدو أحيانا وسواسا مرضيا , ومعظم أصحاب المواهب لديهم نوع من الإنتفاخية , والشعور بالتميز والتفرد عن الآخرين , وتكون أمزجتهم حادة , وإياك أن تقترب من أسوارهم المنيعة , أو تحاول خدش ترس ذاتهم الفولاذي.
والكثير من المبدعين لديهم ميل للإنحراف السلوكي , فتجدهم أدمنوا على الخمر والأدوية والمخدرات , وتفاعلوا مع الحياة بمنطلقات غريبة , ومنهم مَن يتداعى في حضيض الموجعات.
فالإبداع ديناميكية داخلية تستنهض ما تكنزه الأعماق البشرية , وتؤجج الطاقات الكفيلة بطبخ مفرداتها لتعبر عمّا يعتمل فيها.
وهذا التأجج ربما يساهم في إتساع أو تمدد الفضاء النفسي الذاتي , وإكتسابه حجما كبيرا يراه صاحبه ولا يراه الذين حوله.
فيبدو المبدع كما يرى نفسه لا كما هو , أي أن الموضوع متصل بالكيان النفسي , ومتلاحم مع فيوضات خيالية ومنطلقات تعبيرية عن الذات , التي تماهت مع ما تستحضره النفس عنها.
ويمكن القول أن الشعراء بطبقاتهم , ربما يشتركون بشيئ من المميزات التالية : الغرائبية , أكثر قدرة على الخلق والإبتكار اللفظي , والميل للتطرف في السلوك , وللموهبة عندهم دور أساسي في كتابة الشعر , الدفاعية , الحساسية , دافع داخلي للكتابة , العنادية , منقطعون عن الواقع , الأنانية , الكلمة أحيانا وثاقهم , والنرجسية تاجهم , الفضولية , التركيز على الذات , التكبر , البحث عن المديح والتقدير.
ومن الواضح أن هناك الكثير من خصائص الشخصية التي ترسم معالم الشعراء السلوكية , وخرائط نفوسه الإبداعية.
ويبدو أنها من ضرورات الكينونة الشعرية , أي أن يكون الشخص شاعرا.
وتألقت أفياض الشعر بلغة الضاد الأبية!!