22 ديسمبر، 2024 11:31 م

الدين ما أن تلصقه بالكرسي حتى يفقد معناه , فالأحزاب والمجاميع وغيرها , التي تدّعي أنها تمثل الدين , عليها أن تبتعد عن الكرسي , لكيما تفقد صفتها الدينية , وتتحول إلى قوة تصول وتجول وتجور.
والدين ربما يتوهم الحكم والقيادة والسياسة , فالتأريخ يقدم لنا شواهد قاتمة عن علاقة الأديان بالحكم.
وفي الإسلام يتصور الجاهلون أن الدول التي قامت , وتواصلت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى كانت دينية , بينما هي دول وحسب , كأي دولة في زمانها تعبّر عن القوة والسطوة , وتأكيد الإقتدار والفعل المطلق في واقعها وما حولها , فما كانت الدول منذ دولة المدينة دولا دينية بالمعنى الحرفي للتسمية , والخلط بينها والدين تسبب بأخذنا إلى متاهات خسرانية مروّعة.
لو كانت دينية لما قتلت من أبناء الدين الذي تدعيه , أكثر مما قتل أعداؤها , وما غزت ودمرت دولا وأنظمة حكم تدين بذات الدين , ولما سبت وغنمت من أبناء ذات الدين.
الدولة دولة والدين دين , وأي خلط بينهما يتسبب بتداعيات ضارة بهما.
الدين حالة والدولة حالة , ولايمكن لدين أن يكون دولة , ولا لدولة أن تكون دينا , فالمشتركات بين الدولة والدين غير موجودة بوضوح.
أما الذين يريدون إجلاس الدين في الكرسي , فهم أعداء الدين الذي يتمسكون به , وأشد أعداء الكرسي وما يتصل به , ولن تجني الشعوب من ذلك سوى الوجيع وسفك الدماء.
وأحزاب الدين تقدم براهين دامغة على آلياتها العدوانية على الدين الذي ترفع راياته.
فصار دينها مسلحا بالكراهية والبغضاء والفتك الفادح بالآخرين , وكل حزب بما لديهم فرحون , وجميعهم من الخاسرين , فمن يكون في غير مكانه ينال عواقب ما هو ليس أهلا له , فتنفلت عواطفه وآلياته الدفاعية المتوحشة السوداء.
والعديد من المجتمعات المُدمّرة بالدين , تمكنت فيها جماعات لا تعرف شيئا عن الدين , وتراه كما يحلو لها , وتزينه أهواؤها.
ولهذا صارت الدول المرهونة بفئات تدّعي الدين , تعيش خرابا , وفسادا , وإمعانا بمصادرة حقوق الإنسان , وترزخ في أسفل سافلين , وتجد الفاعلين بها يتمنطقون بالدين!!
فلا تحسبن تلك الدول دينية , وإنما تمتطي الدين!!
فابعدوا الدين عن الكراسي , لتكونوا إخوانا!!!