20 ديسمبر، 2024 12:03 ص

التأريخ يحدثنا بموضوح أن الفُرَق والجماعات والفئات التي تنسب نفسها لدين , حالما تجد لها موضعا في الكرسي فأنها تنتقم من الدين , وتمعن بالظلم والفحشاء والمنكر وبإسم الدين , وما شذ دين عن ذلك أو فرقة أو جماعة.
وهذه علة سلوكية متكررة أذاقت البشرية علقم الويلات ومرارة التداعيات الفتاكة , حتى أكثر الفرق تعقلا وإحتكاما للعقل أصابت الأمة بمقتل , فعندما صار لفرقة المعتزلة دور في الكرسي أيام المأمون وبعده , فأنهم قد قضوا على أنفسهم وعانت الأمة من وجودهم أشد العناء.
ولا فرق بين أي فرقة وفرقة أو جماعة وجماعة , لأن الدين عندما يكون منطوقا ومنطلقا يحرر البشر من المسؤولية , ويسوّغ له رغبات ونوازع النفس الأمّارة بالسوء فيه.
وعندما نتأمل اليوم واقع بعض المجتمعات التي إستحوذت فيها العمائم على الكراسي , نجد إستشراء الفساد والظلم والقهر والنهب والسلب , والإعتداء على حقوق الناس أجمعين بإسم الدين.
والحالة تتكرر بين حين وحين وتتسبب بفواجع وتداعيات قاسية في المجتمعات , وما تمكن الدين من الوصول إلى جوهره المبين , والتعبير عن رسالته الرحمانية الإنسانية الأمينة , بل تخبط فيما يبرر ضدها ويجهض جوهرها , حتى صار الدين عدو الدين , وإنقلب النور إلى نار , والخير إلى شر , والباطل إلى حق , وكل ما يجري فوق التراب ألقي بعواقبه وأسبابه على أكتاف خلاّق رحيم!!
واليوم تجدنا أمام عمائم شرسة تبرر أفعال الشيطان الرجيم , وتسوّغها وتزيد عليها وتفاقمها وتحسبها من صدق الفعل والإيمان , ومن هدي الرحمن الرحيم , وهي تغطس بالفساد والإفساد , وتصلي في محاريب التبعيات والخنوع والمذلة والهوان , وتحسب الدين ما يملأ بطونها وجيوبها , ويغذي جشعها الفتاك المهين , فربها يرزق مَن يشاء ويعز مَن يشاء بغير حساب , ولا تسأل عن الوسائل والأسباب.
فهل من وعي لجوهر الدين؟
وهل آنَ للعمائم أن تغادر مواطن الفساد وقتل الدين بالدين؟
فالأمة بحاجة إلى عقول فاعلة لا إلى عمائم عاطلة قاتلة!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات