الديمقراطية لا وجود لها في دول ضعيفة السيادة والدستور والقانون , وتتحكم فيها جهات خارجة عن القانون.
فهل وجدهم دولة ديمقراطية في العالم المتقدم غير قوية وذات سطوة وجبروت؟
إن حكم الشعب للشعب لا يعني إنهيار الدولة والفوضوية , والتفاعلات السلبية التي تسمى جزافا وتعسفا بالديمقراطية , وتنطلق تحت لا فتات (حرية التعبير عن الرأي) , وهي إرادات للتعبير عن الشرور والثبور.
ولهذا فأن المحاولات الديمقراطية في مجتمعاتنا ذات فشل ذريع , لتقويضها قدرات الدولة وقوتها , وتتوهم الحكم بإمرة الذين يديرون شؤون البلاد عن بعد أو قرب.
أو أنها تحزبات وفئويات وطائفيات ومناطقيات وعشائريات وقبليات وغيرها من الويلات والتداعيات , العاصفة في الديار التي لا تعرف الديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد , وتتصورها على مقاساتها الرغبوية والنفعية.
الديمقراطية تكون في دول قوية يضبطها دستور قويم , وقانون صارم لا يكون فوقه أحد , فهل لدينا مقومات الديمقراطية الأساسية , قبل أن نتحدث عن الشعب وهو في حقيقته لا وجود له , لأنه قد تحول إلى مجاميع تابعة لفرد , وخيارها يكون وفقا لرؤاه , وما يريده منها تنفذه بإندفاعية عمياء صماء.
وعندما ننظر لواقعنا الديمقراطي , نستطيع أن نفسر الأحداث الجارية بغياب الدولة القوية ذات السيادة المُحكمة , فمعظمها تمكنت فيها قوى لا تؤمن بالدولة والوطن , وتتوهم أنها تسعى لبناء أمة الدنيا , والأرض دولتها ووطنها , وما هذه الدول إلا أدوات تسخرها للوصول إلى أهدافها العقائدية الكبرى , فالدولة الحقيقية في عرفها هي دولة الأمة التي لا تعرف الحدود والقيود , وأن الدول التي تمكنت منها , عبارة عن غنائم تستحل ما فيها للوصول إلى أهدافها الأخرى , وبهذا فأنها لا تبني ولا تعمر وإنما تستبيح وتستحوذ على ثرواتها , وتستثمرها فيما لا ينفع الناس , وتراه ينفع منطلقاتها العقائدية المرهونة بالحق الإلهي , وأنها بأمر ربها تعمل وتفعل ما تريد.
وتلك مأساة الديمقراطيات العربية , التي عليها أن تدرك بأن غياب الدولة القوية الصارمة القوانين , طريقها الأصلح لتأكيد إرادتها الوطنية , وبدون ذلك , فالديمقراطية إدّعاءات فارغة , وثريد حول صحون الويلات والتداعيات المتفاقمة , بإسم الدين!!