23 ديسمبر، 2024 3:39 ص

منهج إستحواذي جديد لإحتلال الدول والشعوب , بالقول أن الدولة الفلانية فاشلة , أي عاجزة عن توفير الحاجات الأساسية للمواطنين , وغير قادرة على تأمين البنى التحتية اللازمة لديمومة متطلبات الحياة المعاصرة , كالماء الصالح للشرب والكهرباء والرعاية الصحية والمواصلات , وما يتصل بها من خدمات ضرورية للحياة الحرة الكريمة.
وقد إنطلق مصطلح الدولة الفاشلة , في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , بعد أن تحقق تدمير بعض الدول , وإلغاء مؤسساتها وتمزيق لحمتها الوطنية , وتحويلها إلى ميدان غاب تتصارع فيه أمّارات السوء والبغضاء والوعيد , وتعززَ ذلك السلوك بإشاعة ثقافة الكراهية , والعدوانية الداخلية بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد.
وفي هذا النهج إستثمار متطور ومعقد لمفهوم أو شعار ” فرِّق تسد” , الذي وعينا عليه وما تعلمنا سبل الوقاية منه , لكن مجتمعاتنا إزدادت تفرّقا وتشظيا وتناحرا , وصار سفك دماء بعضنا من طقوس الدين.
فلكي تقضي على وطن وتبيد شعب , عليك أن ترمية بتوصيف الدولة الفاشلة , مما يعني أن البلاد قد تحولت إلى “حارة كلمن إيدة إلو” , وأن القبلية والعشائرية والمناطقية والطائفية والفئوية والتحزبية ستنطلق من جحورها الظلماء , وستعيث فسادا في أروقة الحياة المنهوكة بالويلات وتفاقم التداعيات.
ووفقا لذلك نجد مجتمعات الدول الفاشلة في محنة بقائية , لأن حياتها محفوفة بأنواع المخاطر , ومؤهلة للسقوط في مستنقعات التداعي المرير , الذي يستجلب الخسران والدمار.
والحقيقة لا توجد دولة فاشلة وأخرى ناجحة , وإنما خيارات وطنية صادقة تعمل لصالح البلاد والعباد , وقيادات تابعة تنفذ أجندات الطامعين بالبلاد والعباد.
فالدولة التي تسمى فاشلة , يتم تنصيب قيادات خانعة فيها , مدعومة بالقوى الطامعة المُستهدفة لها , فتمضي في مشاريع الإفتراس , وتلقي باللائمة على ما تسميه بالدولة الفاشلة التي أوجدتها.
فكم من الدول الفاشلة قد ولدت من رحم العدوان عليها , وإستهدافها والإتيان بالأجراء لتنفيذ المشاريع وتدميرها بالكامل؟!!