18 ديسمبر، 2024 11:26 م

الدولة العنقودية!!

الدولة العنقودية!!

الدول كيان هرمي متواصل ومتصل , وفقا لنظام تفاعلي يضبطه دستور ذو معايير متوازنة عادلة صالحة للمواطنين في تلك الدولة , وأي خلل في نظام حكم الحياة يتسبب بتبعثرات وتفاعلات بلياردية زئبقية ذات تداعيات هائلة الأضرار.
وفكرة الهرم مأخوذة من التل , وهو ظاهرة تتكلم بلغة الطبيعة عن قوانين النظام والإلتزام التفاعلي ما بين الموجودات الحية فوق التراب , فلكي تبقى وتتعاظم وتتعزز وتتطور وتترتقي عليها أن “تتلّل” , أي تبني تلّها القادر على تفعيل ما فيها من القدرات والطاقات المتراكمة في وعاء تلها , أو هرمها المميز لما فيها من المواصفات والقدرات التعبيرية والإبتكارية.
ولكل مجتمع تله وهرمه.
وفي حالة تدمير الإرادة التلية أو الهرمية لأي مجتمع فأنه يعيش حالة من التناثرية الخطيرة المدمرة , وهذا ما يحصل في بعض المجتمعات التي “تفلشت” أي تهدمت دولها , وتحولت إلى ركام متناثر , مما تسبب في ظهور التفاعلات العنقودية , التي تعني تكاثر التلال الصغيرة في المجتمع , وتزايدها بأساليب أميبية ذات تداعيات مأساوية , لأنها تؤسس لموجودات متعادية تستنزف قدرات المجتمع وتبدد ثرواته وطاقاته.
وهذه الصيرورة العنقودية التناثرية حصلت في العديد من المجتمعات والدول , التي تناثر تلها وتهدم هرمها التواصلي الحيوي القادر على تنمية وإستثمار قدراتها الإيجابية , وإضعاف ما هو سلبي وغير نافع للحياة.
فوجدناها ذات إنبعاجات تدميرية وتداعيات متزايدة في فتكها , وسعيها الإنحداري نحو هاوية الضياع والإستلاب الحضاري , الذي يحاوطها ويفرغها من دواعي بقائها وضرورتها الحياتية.
ذلك أن السلوك العنقودي يستنزف طاقات الأمم والشعوب ويدخلها في متاهات إنقراضية , وتفاعلات خسرانية ذات نتائج خبيثة , توظفها القوى المعادية لتعبيد الطرقات الموصلة لأهدافها المرسومة.
وهذا واقع ما يدور في الحياة المعاصرة في بعض الدول , التي تهدمت وتمرغت برمال العنقودية وعدم القدرة على زرع بذور الألفة والمحبة والتواصل الأخوي المصيري , مما أدخلها في متوالية التصارعات الإستضعافية الموشحة بالدماء والآهات والأحزان.
وعليه فأن على هذه الدول والمجتمعات أن تدرك ضرورة إعادة الحياة لهرمها , وتتعلم كيف تحافظ على وجودها المتناسق المعتدل القامة , والعريض الأكتاف لكي تتسامق وتكون.
فهل نعرف جوهر التل الذي ينادينا؟