24 ديسمبر، 2024 4:38 م

الحكم بالخوف من بطش السلطات القابضة على مصير البلاد والعباد , أسلوب قديم , منذ تأسيس الدول , فكان الحاكم إلها , أو على صلة بالآلهة , ويحاط بهالة القوة المطلقة والرهبة من نظراته وحركاته وما ينطق به.
فجوهر نظام الحكم هو الخوف , وتطور المفهوم , ليتخذ من الدستور والقانون وسائله لتأكيد سلوك الخوف.
فالخوف هو الحاكم الحقيقي في أي دولة حتى اليوم.
والديمقراطيات بجوهرها , أنظمة لتأمين الحياة الحرة الكريمة للمواطنين بالخوف من القيام بعمل مخالف للقانون , مما يتسبب لهم بتداعيات ذات نتائج وخيمة , تصادر حرياتهم , وتقضي على معالم وجودهم.
وتتباين نسبة الخوف بين الديمقراطيات , وآليات التعبير عنه , ففي بعضها التي لا تعرف الديمقراطية , تكون وسائل التخويف متوحشة وقاسية وذات إفتراسية عالية , يتحول فيها الإنسان إلى مجرد رقم لا قيمة له.
وفي الدول المتقدمة ديمقراطيا يكون القانون السيد والسلطان.
وفي المجتمعات التي وفدت إليها الديمقراطية , يتشظى المجتمع وتتسلط فيه إرادة العصابة , التي تتخذ لها عنوانا ومنطوقا مغلفا بدين , أو غيره من الأغلفة اللازمة لإجتذاب الآخرين وصناعة القطيع الخانع.
وبهذه الآلية , يتعاظم الخوف وتفقد الدولة قدرتها على فرض إرادتها , وتكون طرفا ضعيفا خاضعا لهيمنة مراكز القوة المتحكمة بالواقع , المشحون بالمخاوف والتوجسات وضياع الأمان.
ولا يمكن لديمقراطية أن تترعرع وتتواصل , إن لم تعمل على تأكيد الخوف من القوانين.
أما المخاوف المتناثرة المتوالدة , فتدمر كل شيئ في المجتمعات التي تنتشر فيها , لأنها ستكون أدوات لتحقيق مطامع القوى الأخرى.
فهل من قدرة على تأكيد هيمنة القانون والخوف منه؟!!
د-صادق السامرائي