17 نوفمبر، 2024 2:00 م
Search
Close this search box.

الخليفة الروبوت!!

عندما تقرأ في كتاب تأريخ الخلفاء تبحث في الفترة العباسية , تجد نفسك أمام حالة لا تتوافق وبديهيات السلوك وطبائع البشر , خصوصا في الفترة التي ضعفت فيها إرادة السلطان وتحكم بمصيره الآخرون من الحواشي والأعوان.
خليفة يُقتَلْ وآخر يُخلع وغيرهما يتسلم الخلافة , والواحد منهم دون العشرين أو الثلاثين من العمر , وهو يقتلُ في الصباح ويأكل ويشرب ويسرح ويمرح ويعاقر ويفعل ما يفعل عند المساء , ولا تجدنا أمام بشر من دم ولحم ومشاعر وعواطف , وإنما كتب التأريخ تقدم لنا الخلفاء على أنهم روبوتات تتحرك وفقا لإرادة الفاعلين فيها والقابضين على مصيرها.
خليفة صبي , ماذا يعرف من أصول القيادة والحكم , وكيف يمكنه أن يدير إمبراطورية شاسعة الأطراف , وهو يجلس في قصر مزدحم بالجواري والغلمان وما لذ وطاب من المغريات والملهيات!!
فيقولون أنه أمر بقتل ولي عهده , وفعل كذا وكذا , وفي ذات الوقت يدّعون أنه مسرف في الأكل والشرب ومواقعة الجواري والغلمان!!
فكيف بربكم ستبقى عنده قوة وقدرة على الكلام؟!!
خليفة كالديك أو كالكبش وسط القطيع , ماذا تتوقع منه أن يفعل وكيف يقود؟
ربما معظم الخلفاء لم يحكموا وإنما كانت شهواتهم تتحكم بهم , وتستنزف قواهم وطاقاتهم الجسمية والفكرية وتستهلك وقتهم وجهدهم , والذين يهيمنون هم الذين يتخذونهم قناعا أو دريئة من خلفها يحكمون.
تلك حقيقة يبتعد المؤرخون عن الغوص فيها وتسليط الأضواء عليها , ويميلون إلى تكرار الأكاذيب وتعزيز التصورات المناهضة لواقع الحياة في أزمانهم.
فكيف لرجل منهمك بالنكاح والملذات والشهوات أن يحكم؟
علينا أن نقرأ التأريخ بعيون نفسية وسلوكية لكي نرى الحقيقة بوضوح!!

أحدث المقالات