23 ديسمبر، 2024 12:22 ص

الخديعة الكبرى :الواقعية السياسية أم نظرية المؤامرة

الخديعة الكبرى :الواقعية السياسية أم نظرية المؤامرة

بعد أيام تمر ذكرى السنوية العشرين لأحداث ١١ أيلول/سبتمبر، الأحداث التي غيرت شكل العالم ومنطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد ومهدت هذه الأحداث إلى حربين خاضتهما أمريكا وحلفائها في أفغانستان والعراق ومعها بدأ تنفيذ المشروع الذي أطلقه «المحافظون الجدد» في أمريكا، مشروع «الأمة الديمقراطية». وتتزامن هذه الذكرى مع الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان، الإنسحاب الذي يعد بمثابة إعلان رسمي عن هزيمة لمشروع «الأمة الديمقراطية». السردية الرسمية لأحداث أيلول التي نشرتها الحكومات الأمريكية المتعاقبة أن عناصر من تنظیم القاعدة وبتخطيط مباشر من أسامة بن لادن أختطفوا طائرات مدينة وأستهدفوا برجي التجارة في نيويورك، هذه السردية تبنتها كل وسائل الإعلام وروجت في الأفلام والصحافة الاستقصائية، لكن الصحفي الفرنسي «تيري ميسان» لا یرى صحة هذه السردية ويراها متناقضة وقد كتب ميسان كتاباً بعنوان «الخديعة الكبرى» يطرح فيه المعطيات التي تكذّب السردية الأمريكية. يتسائل ميسان،كيف عجزت الرادارات العسكرية الأمريكية من رصد طائرة «بیونغ» المدنية المختطفة، وكيف تعجز طائرات «F16» العسكرية المتطورة من السيطرة على الطائرة المخطوفة ومنعها من تنفيذ مهمتها. ويتسائل،كيف أستطاعت الطائرة من أستهداف البرج بهذه الصورة الدقيقة الا يدل ذلك على توجيه الطائرة نحو الهدف من قبل مركز السيطرة، ويقول ميسان أن عدد من ساكني البرج تلقوا تعليمات قبل التفجير بمغادرة البرج من أجل تقليل أعداد الضحايا لكن ميسان لا يقدم شهادات حية وهذا يضعف فرضيته، كما يفترض ميسان أن سرعة أتهام الحكومة الأمريكية لتنظيم القاعدة بتنفيذ العملية دون تحقيق مطوّل يدل على ضعف الراوية الأمريكية وكأنها حددت المتهم سلفاً.

كما يتسائل ميسان عن التحشيد العسكري البريطاني في بحر عمان وفي باكستان قبل وقوع الحادث بإيام قليلة، كما يطرح ميسان سبباً أقتصادياً وهو رغبة أمريكا بغزو أفغانستان من أجل مد أنبوب غاز يمر من باكستان إلى أفغانستان وكذلك السيطرة على تجارة الخشخاس، لكن هذا الطرح لم يتحقق بعد عشرين عاماً وهذا يضعف فرضية ميسان. ينتهي ميسان إلى أن العملية نفذت وخطط لها جهاز الدولة الأمريكية! من أجل التمهيد لغزو أفغانستان وكذلك موافقة الشعب الأمريكي على زيادة النفقات العسكرية تمهيداً لحروب مطولة تخوصها أمريكا في العالم. على أثر هذا الكتاب منع تيري ميسان من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، ميسان ينتمي إلى اليسار الراديكالي، وبالتالي فإن معاداة أمريكا جزء من عقيدته، كما أن «هوس المؤامرة» وتفسير الأحداث على أساس المؤامرة وعدم الوثوق بالإعلام الرسمي والاعلام الغربي بشك عام هو الأساس في تفسيره للأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تحدث في العالم، حيث خصص ميسان فصلاً كاملاً من الكتاب يسرد فيها نماذج من المؤامرات الأمريكية مثل أستهداف قاعدة غوانتنامو وأغراق سفن وبواخر أمريكية وأستهداف دول أمريكا الشمالية من قبل أمريكا، ثم تتهم أمريكا كاسترو وكوبا بتنفيذ تلك العمليات.

قبل أيام أصدر الرئيس جو بایدن قراراً برفع السرية عن الوثائق المتعلقة بإحداث أيلول، القرار الذي من شأنه أن يكشف حقيقة ما حدث في ذلك اليوم ١١ أيلول ٢٠٠١ ومن يقف وراء تنفيذه، ليطلع الجميع على حقيقة ما جرى بالوثائق، أما أن المصالح السياسية العليا لأمريكا دفعت القائمين على جهاز الدولة بتنفيذ تلك الحادثة، وهذا رأي ميسان والخلاصة التي توصل إليها، أو أن العملية نفذها تنظیم القاعدة وما رأي ميسان إلا جزء من سلوك نظرية المؤامرة وتفسيره الأحداث على أساسها.