إذا أردت أن تعرف، ما يضمر المرء في قلبه للآخرين، تحدث مَعَه وكأنك غير مطلع عما تسأل عنه، أو جاهلٌ لما يتحدث به، اظهر له الاستغراب من حديثه, على رسمات وجهك، سيفضي لك حينها ما يضمره في داخله من حب أو كره اتجاههم، عندها تعرف الأسباب والدوافع من وراء حديثه الذي يهاجمهم به.
منذ فترة طويلة لَم يتوقف الحسني عن مهاجمة المرجعية الدينية بطُرِقه الملتوية، يتفنن بها تارة ويستخدم البساطة معها تارة أخرى لإقناع المتلقي.
ان ابتداعه الأساليب الجديدة في مهاجمة المرجعية، وإلحاحه على ان الشواهد التي يقدمها شواهد حقيقية، ووقائع صادقة, ما هو الا دليلٌ واضح، ان الفشل الذي مني به ما زال يلاحقه.
تربى (علي سنبه) المدعو بـ (سليم الحسني) في أحضان حزب الدعوة، قبل ان تتلقفه أيادي المخابرات الأجنبية، التي نجحت بتوجيه قلمه ضد شيعة العراق، ومرجعيتهم الدينية، التي ما زالت تتصدى لمشاريعهم التسلطية في المنطقة، التي يعتبرها حزب الدعوة عدوه المستديم، الذي لا ينتهي كرهه لها مهما طال به الزمن، وما زاد الطين بِلَّة وقوفها ضد مشروع الولاية الثالثة، وموقفها الأخير الرافض لحكمهم العراق، الذي جن جنونهم اتجاهها.
بعدما امتنعت المَرجِعية من دعم (حزب الدعوة الإسلامي)، في ثمانينيات القرن الماضي، اخذوا يبحثون عن مرجعية أخرى تحتضنهم, لتكون أباً روحياً لهم، لتشرعن عملهم الحزبي والسياسي، فكان الأقرب لهم المغفور له السيد ( محمد حسين فضل الله)، من حيث الانسجام بين أفكاره وأفكارهم.
كثيراً من المتابعين يجهلون أسباب لجوء رجالات الدعوة الى مرجعية (قم المقدسة) بعد سقوط النظام، السبب بسيط وواضح: لأنهم يعرفون جيداً ما هو موقف مرجعية النجف منهم، لمعرفتها بهم أكثر من أنفسهم… تفكيرهم, أسلوبهم, طريقة تعاطيهم مع الاوضاع, موقفهم الحقيقي من النجف, وغيرها من الأمور الخافية على عامة الناس.
حب الناس للمرجعية الدينية المتمثلة بسماحة السيد (السيستاني) والمراجع الآخرين وأطاعتهم لها، جعل الحسني ومثاله ممن يدعون الانتماء للعراق وللشيعة في حذر شديد، ومهاجمتها المستمرة بالمباشر وغير المباشر، ومهاجمة كل من ينتمي لها بدون استثناء، ابتداءً من طلبة الحوزة ثم المعتمدين والوكلاء وصولاً الى أبناء المراجع، وهذا هو مشروعهم الذي يعملون عليه منذ فترة طويلة، لأنهم يعلمون جيداً ان من ذكرناهم أعلاه، هم أجنحة المرجعية التي تحلق بها، فمتى ما تكسرت تلك الأجنحة قلت وضعفت المساحة التي تتحرك بها.
عندما تتحدث مع أفراد تابعين للدعوة، او من أغوتهم الافتراءات والادعاءات الزائفة، وكتابات الحسني وأمثاله، سيقولون لك ما اعتاد المتلقي على سماعه… “المرجعية لا مثيل لها، لكن السبب في الحاشية المحيطة بها” او “لو تستبدل وكلائها لتغيرت الأمور كثيراً” او “ان أبناء المراجع هيمنوا على برانيات آبائهم، ولولا ذلك لكان الوضع مختلف”، تلك العبارات التي يعزفونها ليطربوا مسامع الناس بها.
الحسني ما زال يطرق على هذه الأفكار، ويروج لها عن طريق كتاباته المستمرة، لو رجعنا الى الوراء قليلاً لم نجده يهاجم المرجعية بهذه الكيفية والاستمرارية وبهذه الحدة، الا بعد عزل أصحابه عن الحكم في الفترة الأخيرة.
رب سائلٍ يسأل الم تدعم المرجعية حكومات حزب الدعوة؟ الجواب كلا، المرجعية دعمت العملية السياسية بمجملها وستبقى تدعمها سواء كانت عند الدعوة او عند غيرهم.
لن يتوقف الحسني وأمثاله من الأقلام المأجورة من مهاجمة المرجعية, ومن يؤيدها او يقف في صفها, سواء كانت شخصية سياسية او مجتمعية، ولن يقتصر الامر عليها فقط، بل سيهاجمون كل من يأبى الخضوع للأجندة الخارجية التي تقودهم, او من يطرح داخل العملية السياسية مشروعاً إنقاذيا بعيداً عن أهوائهم، او يكون مخالفاً لإراداتهم الخارجية، وهناك شواهد كثيرة يمكن ان يراجعها القارئ بمجرد معرفة خصومهم ومخالفيهم في الرؤيا السياسية.