للقرون طبائع تمثل المحصلة النهائية للطبع البشري فوق التراب , وتبدو القرون ذات سلوك متشابه , وفقا لمسارات متقاربة في ذرواتها وإنحداراتها.
ومعظمها تبدأ بويلات جسام في ربعها الأول , وبموجب ما يتحقق فيه ترتسم مسيرتها في ما تبقى منه , وعادة ما تحصل حرب مروعة وتفاعلات إفنائية متوحشة في أصقاع الدنيا المتعددة.
فالبشر ميّال لسفك الدماء والتعبير عن مشاعره العدوانية , أكثر من حقنها والتماثل للرحمة والرأفة والسلام.
فالبشرية تعيش أرقى حالاتها , رغم ما يحصل فيها منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين , لكن إرادة القرون قوية وستفرض قراراتها عليها , وستأخذها إلى حيث تريد.
ويبدو أن هذا القرن بدأ بسَنِ أنيابه ومخالبه , وأخذ يستعد لصولات ذات تداعيات غير مسبوقة , فالحرب القادمة حتمية ولا مفر منها , ويمكنها أن تحصل في أية بقعة أرضية , وستنتشر كالنار في الهشيم , وستشمل معظم شعوب الأرض رغما عنها.
ليس هذا تنبوءً ولا رجما بالغيب , وإنما قراءة نفسية , وإستنتاج يتوافق مع طبائع القرون السابقات , فالأرض لا يمكنها أن تهدأ بدون حروب , وكأن ترابها يجوع للأبدان ويعطش للدماء.
وما يحصل اليوم من مناوشات كلامية وتفاعلات تهديدية بين القوى الكبرى , يشير بوضوح إلى أن الدنيا مقبلة على حرب شعواء , فالبشرية لا يمكنها أن تتعافى من شدائدها إلا بحرب شديدة وقاسية , تعيد الأوضاع إلى بدايات ذات طاقات إمتدادية متجددة.
متى ستحصل تلك الحرب؟
الجواب في أية لحظة , فقد إختمرت ونضجت وتحفزت وسائلها , وتأهبت قدراتها التي لا يمكنها أن ترقد في مكامنها لفترة أطول من رقادها الذي أمضته على مدى عقود.
فالبشر ما أن يمتلك قوة إلا ويسخرها للتعبير عن عدوانيته , ومن عجائب السلوك أن البشرية لا تزال قابضة على أسلحة الدمار المروعة التي تمتلكها , وتعمل جاهدة على تطويرها وتنمية قدراتها التدميرية الفتاكة.
نعم الحرب واقعة لا محالة , وإن حصلت بين الكبار فأنها ستأكل الصغار أيضا , وستدفع منطقة الشرق الأوسط ثمنا باهضا في قرن تستعر فيه النيران , ويتأجج العدوان.
فهل لنا أن نعتصم بحبل الأمة المتين؟!!