23 ديسمبر، 2024 10:40 ص

الحدباء لم تسقط بل سقط داعش

الحدباء لم تسقط بل سقط داعش

لم يترك داعش وسيلة الا واستخدمها لتدمير الانسانية فكل شيء في دستورهم الاعمى مباح فالقتل والنهب والحرق والذبح شريعتهم فالجرائم التي اقترفوها بحق الارض والسماء وما بينهما ارواح بريئة نقية تصول وتجول فيها بحثا عن الحياة التي وهبها خالق هذا الكون لمعشر البشرية واذا ماكانت هنالك حقبة سوداء ستذكر في اروقة التأريخ للاجيال القادمة فستكون تلك التي عاث فيها داعش فسادا وخرابا فلا يمكن مقارنة اي كارثة او محنة واجهتها الحضارة بما فعله داعش فمنذ بزوغ فجره الشيطاني وولادته من خاصرة الجحيم جلب معه الويلات والكوارث فلم ينجو اي شيء ان كان حيا او جامدا من براثنه المتعفنة التي اتخذت من الزيف والتصنع والزور حججا ومبررات لانتهاكاته الشنيعة فلقد لطخوا كل ما هو مقدس بالدم وتعمدوا اقصاء وتهميش ومحاربة القيم والمبادىء وقاموا بقلب فحوى المعتقدات لاهدافهم الوحشية لترويع البشر داعش الذي لم يمر على ولادته سوى عدة سنوات حمل فكرا منافيا لشريعة الخالق جل جلاله وحرض على القهر والظلم بوسائل متعددة ففكره التكفيري لا يحمل اي وجه من الصحة بل هو مخالف للعقيدة الالهية فسيد الكون عزوجل صنع الحياة ووضع في رحمها الانسان كي يحرث في هذه البقعة الجميلة من المجرة المحبة والامل والسعادة لكن داعش دحض هذه الحقيقة واتخذ من الباطل نهجا وطريقا لاخفاء الحق …..
فهذا التنظيم الارعن لم يخلف سوى العار فتجارته مع الدم افسدت ربيع البشرية الذي يعاني الجوع والفقر والمرض منذ سنين طوال بسبب الحروب والازمات لكن ما فعله هؤلاء الرعاع والأوباش زادها جوعا وفقرا ومرضا فالسرطان يقف عند تدخل العلم والجراد يختفي عند رش عنصر كيميائي والفقر ينهزم امام ارادة الانسان بينما هذا الطاعون الاسود استشرى بحد السيف ولابد من السيف كي يضع له حدا فيجرده من حالة الجنون التي يعيشها فالضربات تتوالى عليه ومن كل جهة وجانب وما هذا الا دليل قاطع على ان البشرية تأبى الانصياع والخضوع له فمثلما هنالك اشرار يجوبون اركان العالم فهنالك شرفاء يقفون على جهاتها الاربعة لحماية الحضارة والبشرية فالثوار يملوؤن الارض وضجيجهم لن يتوقف الا بزوال هذه الغرابيب السود وبزوغ شمس الحرية والكرامة والعدل ……
فبعد كا ما قام به المستئذبون الحفاة فكريا والعراة روحيا ذوي اللحى القذرة والشعور المرخاة النتنة من امور واشياء لا يتخيلها العقل البشري الواعي المدرك لماهية الحياة هاهم يمحون احدى اعظم الاثار التأريخية من خارطة التراث الانساني التي بقيت شامخة لاكثر من 9 قرون فالجامع النوري صمد امام احتلال المغول وكانت منارته الحدباء رمزا حضاريا لجميع شعوب العالم فهي لا تقل قيمة عن الاهرامات والبتراء وتدمر والمايا والاغريق والجامع الاموي وغيرها فلطالما حظيت الاثار بالحماية من جميع المكونات والاطياف الانسانية لأنها تعتبر من شواهد التأريخ الانساني فالامم والشعوب تجسد ملاحمها في صورتها وتبني مجتمعاتها استنادا الى خلفيتها فهي اضافة لكونها مرجعا حيا وحاضرا للباحثين عن خفايا واسرار العصور المنصرمة في ذات الوقت هي نقطة التقاء لجميع الاقوام باعتبارها كنزا من كنوز من عاشوا فترة وحقبة زمنية حملت العلم والمعرفة والثقافة في جعبتها فهذا العمل المخل بكل الاعراف والقوانين الذي اقترفه الخارجون عن سرب ما هو سائد ومعروف به اخلاقيا ما هو الا دليل على افلاس داعش تنظيميا وفكريا فالهزائم تلاحقه من كل جهة وصوب وصليل صوارمهم اتخذ من الطغيان وسيلة لبث الرعب والرهبة في كل شيء حي وجامد فهذا النهج الوقح الذي تنتهجه داعش علامة على زوالهم من الوجود فهو يعيش اخر لحظاته الشيطانية فيوم بعد يوم تتقلص رقعته ويصغر حجمه ويحتضر عناصره فمعظم الدكتاتوريات التي حكمت الشعوب وقفت عند نقطة معينة من العنف بينما هؤلاء الاوغاد السائرون نحو الهاوية بفعل ايمانهم المطلق بالوهم والخيال لم يسلم منهم اي شيء فأولى خطواتهم بدأت بالقتل وتلتها العجائب والغرائب واخرها حرب عبثية جنونية مع شواهد الحضارة الانسانية …..
فجامع النوري والمنارة الحدباء لم يسقطا بل سقط داعش ومتفجراته لم تدمر اي شيء فلا يوجد احد على وجه الارض بأستطاعته تحطيم هوية الحياة بماضيها وحاضرها هذا العمل مقتصر على من وهبها لبنو البشر هو من له الكلمة العليا وكلمته هي الفيصل من الالف الى الياء فداعش وضع اخر حزام ناسف حول خاصرته وفجره لأنه يعلم ان ريح وعاصفة الاحرار والثوار قادمة للنيل منه اليوم او غدا
فأنتظروا ايها الظالمون فأنهم قادمون فهدير البنادق الثائرة وصهيل القنابل المجلجلة بالدمع والدم لن تأبى الا بالثأر…