18 ديسمبر، 2024 10:52 م

شاءت الاقدار ان يجمع الأسبوع الأول من العام 2015 مناسبتين وهما: بداية العام الميلادي الجديد، وعيد تأسيس الجيش العراقي الباسل، وهاتان المناسبتان استظلتا تحت ظل مناسبة عزيزة على قلوب البشرية بشكل عام والإسلامية بشكل خاص الا وهي مناسبة مولد سيد الكائنات رسولنا العظيم ” محمد ” عليه افضل الصلاة والسلام.؟
   ولعل المحزن والمؤلم في هذه المناسبات هو حلول الذكرى الرابعة والتسعون لتأسيس جيشنا المقدام ، الجيش العراقي الباسل ، صاحب المآثر والبطولات وهو في اسوأ حال، هذا الجيش الذي  تميز عن بقية الجيوش العربية وغير العربية والمعروف تاريخياً أنه تأسس قبل تأسيس الدولة العراقية، بل كان الجيش الوحيد في العالم الذي يمتلك دولة، ولا تتملكه دولته، فكان كل ضباطه عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة من بقايا الجيش التركي من العراقيين الاصلاء حسباً ونسباً وولاء.
لم يكن قرار الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر سيئ الصيت بحل الجيش العراقي السابق عفوياً وانما جاء بإرادة ” صهيو امريكية ” ذات شرعية عراقية على يد ساسة القرن الحادي والعشرين ممن يدعون انفسهم عراقيي المهجر المتعطشين للجاه والسلطة وملء الفراغ وقيادة بلد اصيل وجيش عريق استطاع ان يسحق خامس اكبر جيش في العالم من حيث العدة والعدد .
لقد شرعت الإرادة الغربية المتصهينة بإعادة بناء الجيش العراقي بعد عام 2003 وفق مصالحها وخططها المستقبلية، فمن غير المعقول ان تبني القوى الغربية جيشا قويا وعقائديا مؤمنا بان لديه مهمة عظيمة وجليلة مستقبلية مؤجلة تحتم عليه ان يكون على رأس الجيوش العربية لاستعادة حق اسمه فلسطين الذي اغتصبه واستولى عليه من يشرفون اليوم على إعادة بناء الجيش العراقي وتسليحه وتجهيزه بتكنولوجيا عسكرية متطورة ، هل يعقل ان يكون هذا الجيش الذي لم يصمد لساعات امام بضع مئات في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ويتقهقر قادته لجبنهم ولخيانتهم ولعمالتهم التي جعلتهم يتركون ابناءنا من الجنود فريسة وطعماً لأنياب الصحراء ، لو لم يكن القائمون على إعادة بنائه يريدونه ان يكون هَرِماً كسيحاً ممزقا امام أي مواجهة او صدام.
كنا نسمع ونفهم ان للعسكرية تعريفا ومفهوما، وهو :” ان العسكرية كيان ضعيف يستمد قوته من الضبط والتدريب ” ولكننا وللأسف الشديد نجد هذا المفهوم غير موجود لسبب بسيط ، هو ان جيش ما بعد الاحتلال أنشئ على أساس الولاء للحزب والطائفة وليس على أساس الولاء للعراق، بدليل ان أي فئة او تنظيم عسكري او مليشياوي لم تستطع الحكومة الوقوف امامه او السيطرة عليه ، فسمحت له ان ينخرط بين صفوف جيشه ، مرتديا بزته ومتقلدا رتبه وحاملا سلاحه بشكل قانوني ودستوري، بعدما كان قادة الجيش السابق تبيض عيونهم من شدة التدريب العسكري الشاق والمهني ، كي يستحقوا ان يحملوا على اكتافهم الرتب العسكرية التي أصبحت اليوم تحمل بمختلف المراتب على اكتاف شخصيات لم نسمع عنها ولا عن تاريخها العسكري ، سوى انها جاءت من العدم الى القمم فأصبحوا قادة ” دمج” وامرين ، يضعون الرتب والنياشين على اكتافهم وصدورهم زورا وبهتانا ويتحكمون بجيش تبين بمرور الوقت انه جيش الفضائيين، مع جل احترامي لأولئك النشامى والغياري الموجودين في هذا الجيش ، الذين حملوا اسم الوطن في قلوبهم وبين حدقات عيونهم وقدموا الغالي والنفيس من اجل الدفاع عن هذا البلد المسلوب الإرادة ، رغم علمهم بحقيقة من يدعون انهم قادة جيشهم الجديد .
ونحن نخط في أوراق ذاكرتنا هذه الذكرى العطرة ، نعتصر الما وحسرة على جيش يدربه الأمريكيون المتصهينون ويسلح عن طريق السماسرة من بعض السياسيين المتنفذين الملوثة أيديهم بدماء العراقيين وبطونهم من السحت الحرام ويشرف عليه الفرس الإيرانيون ، الذين ذاقوا مرارة الهزيمة والخذلان على يد الابطال في معارك السنين الثمانية، يصبح سورا للوطن، الحق … والحق أقول: كنا نأمل ان ينشد أبناؤنا وطلاب مدارسنا: ” الجيش سور للوطن ، لكننا نرى وبناء على ما تقدم ، وبفضل الايادي الخبيثة واللئيمة التي أشرفت ودربت وانخرطت بين صفوفه، اصبح الجيش رصاصا في صدر الوطن.