23 ديسمبر، 2024 1:50 م

التوق الى الحقيقة

التوق الى الحقيقة

التوق الى الحقيقة ليس شيئاً ارادياً يمكن التحكم به فما ان تلتفت الى حاجتك الى تفسير تلك القطعة الزمنية التي تسمى (الحياة) حتى تبدأ بتلك الرحلة الخطيرة المسكونة بالاسرار والمحاطة بالمخاطر.

و ما ان تسلك طريق البحث عن الحقيقة طريق المعرفة حتى تجد نفسك في جوع ابدي لها مستغرقاً مشدوهاً مشدوداً ومسكوناً ، مسكون بروح قلقة هائمة تسكن ان رأت اشارة او علامة على الطريق لكنها سرعان ما تعود الى قلقها حالما تتجاوز تلك الاشارة.

لن اتحدث عن اولئك الذين يعتقدون انهم يمسكون بالحقيقة

بل ساتحدث عن اولئك الذين تعبوا من اللهاث ورائها فقالوا ان الحقيقة سيالة لا يمكن الامساك بها فما ان تملأ راحة يديك منها حتى تجد نفسك اما تمسك بوهم خالص او جزء حقيقة

لا شك ان الوصول الى الحقيقة امر عسير وصعب فهي تستمر في الاحتجاب والتخفي كلما ازددنا تدقيقاً وامعاناً في آثارها.

اسوأ ما في الامر ان البعض آثر النكوص عنها ليس التخلف والرضا بما بين يديه منها بل الرجوع الى الوراء فمحى كل شيء و قال ان لا وجود للواقع فضلاً عن الحقيقة الا في اذهاننا و ان لا وجود لشيء اسمه الواقع الا ما تختلقه اذهاننا و لكنه نسي انه اثبت وجود (الذهن) الذي لا اعرف كيف تمكن من اثبات وجوده ، فذهنه الذي يقول له ان الوجود كله ليس بشيء سوى صورة ذهنية كيف يمكن ان يتأكد من وجود شيء اسمه الذهن بل كيف امكنه التأكد من وجود تلك الصورة الذهنية اللاحقة لوجود الذهن .

يقول البعض ان الحقيقة متعددة بتعدد الفهم بل بتعدد بني الانسان وهي حينئذ نسبية و حين تكون الحقيقة نسبية لا يبقى حجر على حجر فكل البناء الانساني سينهار .

ربما البعض يدّعون ان الحقيقة تنمو وتتكامل وهي وجهة نظر لها ما يبررها ولها حظها من الاشكاليات .

و سواء كان الادراك يتم في الدماغ او النفس فأنه من المناسب القول ان تلك العملية يمكن تشبيهها ببصمة الابهام التي لا يوجد تشابه بين بصمتي ابهام بشريتين مطلقاً على الاقل لحد الان فتلك البصمة الادراكية يمكنها ان تبرر ذلك الاختلاف في ادراك الحقيقة بصورة مختلفة بين بني البشر و هو ما يمكن ان يفسر ايضاً الاختلاف في درجة التوق الى المعرفة والكشف عن الحقيقة.