23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

التنبؤية العربية السلبية!!

التنبؤية العربية السلبية!!

النسبة العظمى من الكتابات المنشورة في الصحف والمواقع العربية تكنز سلبية عالية , ربما تتجاوز نسبة التسعين بالمئة في أحسن تقدير , وهذه الكتابات تساهم في ترسيخ الإنكسار والإندحار , وسيادة مشاعر الإستلاب والحنق والغضب والكراهية والإنفعالية الشعواء.
فالواضح في الإنتاج المكتوب أنه تعبير عن الإستيائية والإكتئابية , والإمعان باليأس وإغلاق المنافذ وتغييب الحلول والمخارج , فالإبداع تعسيري الطباع والمنطلقات , ولا تجد فيه ما يدلك على دروب الحياة اليسيرة الطيبة.
ويلعب الكُتاب والمفكرون بأنواعهم دورا كبيرا في تنمية التداعيات في الواقع العربي , لأنهم يسوّغون ويبررون ويشجعون على الإستلطاف والإعتياد على الهضم والقهر والظلم والتمتع بالحرمان من الحاجات.
ويبدو أنها موجة نفسية إنفعالية طاغية على الرؤوس ومستعبدة للعقول , وممتهنة للتفكير ومتمكنة من القبض على إتجاهات الرؤى والتصورات , وملتزمة بقوة بتحطيم بوصلة الدراية والتوجيه , فتتحول الأقلام إلى آلات لتأكيد إرادة الإنهيارات والإنتكاسات , وكأنها قد توحلت في أطيان الخسران الأبيد.
والعلة أن أكثر الأقلام لا تلتزم برسالة واضحة ولا تتمسك بهدف نبيل , وإنما تميل أينما مالت المواقف والحالات القائمة في المجتمع , فلا تعرف الثبات ولا تبصر الصراط المستقيم , فالذي يطعمها ويغنيها هو دينها ومذهبها وأيديولوجية عباراتها وحبر كلماتها.
وبهذا تضيع الخطوات وتتيه الأجيال في معاقل البهتان والتضليل والإحتران , وتتبدد الطاقات والقدرات , ويفقد كل شيئ قيمته , ويكون الإنتماء للآخر البعيد هو الطموح والعنوان.
وفي هذا المعترك الراكد تتعفن مفردات وعناصر الحياة , وتفوح روائحها الكريهة ويتفسخ الجميل وينمو القبيح , وتتردى هياكلها وأعمدتها اللازمة لبلوغ آفاق التكوّن والإقتدار.
فالمنطلقات السوداوية تشحذ في الأعماق طاقات لتأكيدها , وبترسخها وتفاعلها مع الموجودات تتمكن من بناء الآليات الكفيلة بإثباتها , وتأكيد معالمها وكينونتها التفاعلية في الواقع الذي يعيش فيه الناس , فالتنبؤ إستحضار لمكنونات طامحة للحياة , والموجودات كائنات مصنعة في أوعية التنبؤات ومتفاعلة مع عناصر الطاقات لتحقيق ما فيها من الإرادات.
فهل سنتمكن من الإنتقال من السلبية إلى الإيجابية , ومن اليأس إلى الأمل , ومن القنوط إلى الطموح؟
وهل لأقلامنا أن ترعوي وتكتب بمداد حياة؟!!