الرفس: الضرب بالرِجل
مجتمعات تتنافس وأخرى تترافس , وما بين الحالتين تتأكد المآسي والويلات والتفاعلات الإرتقائية الإنمائية , المعزِزة للقوة وبناء الحياة الحرة الكريمة السعيدة التطلعات.
فالمجتمعات المتقدمة في مسيرات تنافسية إبداعية إبتكارية , وكأنها في ميادين سباق نشيطة للوصول إلى أهداف , وقطع مسافات وتحقيق أرقام قياسية وفوز بمداليات ذهبية , فتجد أبناءها في بحث مستمر وإبتكار مستعر , والكل يسعى نحو تجسيد ما يحمله من أفكار ذات قيمة تصنيعية وتأثيرية في تطوير الحياة وتنمية الإقتصاد , وإطلاق الطاقات والقدرات النافعة المُجدية ذات الربحية العالية.
وهذه المجتمعات تنطلق بخطواتها ومشاريعها بنداءات صادقة من قادتها , تحفزها على الإستنهاض الوطني والإنساني اللازم للوصول إلى آفاق الأفضل الجميل , وتمدها بالطاقات الحماسية والإرادات القوية المؤمنة بأن الهدف ممكن التحقيق.
ولهذا تجد المجتمعات المتقدمة تتنافس في التصنيع والإبتكار المتنوع , فتطورت وتقدمت وتسامقت وتقوّت بعقول أبنائها ومبتكراتهم , التي هيمنت على البشرية وحولتها إلى موجودات مدمنة على منتوجاتها.
وفي مجتمعاتنا يتحقق الترافس المتمثل بالصراعات الخسرانية والدمارات , والخرابات الهائلة العاصفة في أرجاء الحياة فتحيلها إلى عصف مأكول.
والعلة التي تتمكن من وجودنا تتلخص بفقدان القيادة المعاصرة الواعية وبغياب إرادة التنافس وإنعدام قدرات الإبتكار , لبخس الذات والموضوع وهيمنة المشاعر الإحباطية والإنكسارية , والإيمان بالورائية والتبعية وعدم السعي لإكتساب المهارات الإبتكارية المعاصرة.
فالترافس مصيبة مروعة تعصف في المجتمعات المتأخرة , فتستنزف طاقاتها وتفرغها من نسغ الحياة لأنها تجفف عروقها وتمحّل عقولها , وتدحرجها إلى أبعد من الوراء بقرون , حتى لتبدو وكأنها مجتمعات ذات تطلعات سلبية ونوازع إنتحارية قاهرة.
وقد تسربت إلى هذا السلوك السلبي الكثير من المعززات التي تم البناء عليها والإستثمار فيها , وخصوصا الموضوعات الإعتقادية , مما دفع إلى التأسيس لحالات ذات توجهات إتلافية للذات والموضوع , وما يتصل بميادين الحياة من نشاطات عمرانية وثقافية وإنسانية وحضارية , حتى تحولت المجتمعات إلى خواء ويباب بسبب الإنغماس الطاعوني بموضوعات أكلت عليها العصور وشربت , وما عادت تصلح حتى للنظر والتأمل.
ولكي تتحرر المجتمعات المتأخرة من تداعياتها وويلاتها عليها أن تتعلم مهارات التنافس , وتنكر سلوكيات الترافس العاصفة في أركان وجودها.
ففي التنافس حياتكم العزيزة وفي ترافسكم مذلتكم وهوانكم ودماراتكم الشديدة!!