هل يتعظ البشر؟!!
وعظ :نصحَ وذكّر بالعواقب
إتعظ: قبل الموعظة وائتمر وكف نفسه؟
الوعظ: النُصح
الإتعاض هو التعلم من تجارب الآخرين ووعي العواقب المترتبة عن السلوك.
فهل يتعظ البشر بتجارب غيره؟
لكي تتعظ يجب أن تكون عاقلا , أي تستعمل عقلك , وبما أن البشر في معظمه مخلوقات عاطفية , فأن تعطيل العقل نزعة فاعلة فيهم.
فالعقل العاطل لا يمكنه أن يمارس فعل الإتعاظ.
والعجيب في الطبع البشري أنه لا يتعلم حتى من تجاربه الخاصة , وتجده مندفع وفقا لإرادة بوصلة عواطفه ومشاعره الفاعلة فيه.
ولهذا فالأجيال لا تتعلم من الأجيال التي سبقتها , والتنافر قائم بينها , و”ما فات مات , وما هو آتٍ آت” , وتلك قوانين الحياة المبنية على التنازع وسفك الدماء.
فالمواعظ لا تقدم ولا تؤخر , ولو أنها ذات دور وقيمة سلوكية , لما وصلت أحوال بعض المجتمعات التي تزدحم فيها المنابر بالواعظين إلى أسفل سافلين.
وفي القرآن: “يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين” الأعراف: 79
إن من أصعب الأمور أن يقبل البشر نصيحة بشر آخر , لأنه لا يظن خيرا في غيره.
وفي الحديث: “الدين النصيحة”
فهل أن الدين تفاعل عقلي , أم إنتماء عاطفي وقلبي , فكيف يمكن الإرتقاء به إلى مرتبة العقل لكي يكون للنصيحة دورها , وفي هذا الحديث إشارة لتفعيل العقل في الدين.
ويقول نصر بن سيار: “إسمع نصيحة ذي لب وتجربة … يفدك في اليوم ما في دهره علما”
ومَن يسمع؟!
البشر لا يمكنه إستيعاب تجارب غيره مهما كانت واضحة , بل عاجز عن إستيعاب تجاربه الشخصية , فهو مخلوق متخبط مضطرب , فمهما بدت أعماله على أنها ذات معايير وضوابط سلوكية , لكنها في جوهرها منفلتة وتتحكم بها النفس الأمّار بالرغائب والعجائب.
ولهذا فالمواعظ الخطابية والكتابية بأنواعها لا تنفع , وهي مجرد كلام خالٍ من التأثيرات السلوكية , فالإنفعالية متسلطة وفاعلة في المجتمعات البشرية , وتستعبد أكبر العقول لتمرير نوازعها الدفينة وتطلعاتها المطمورة.
وتلك مأساة البشر بالبشر!!