23 ديسمبر، 2024 4:42 ص

التناحر سلوك سلبي إستنزافي خسراني النتائج إحباطي التوجهات , بينما التنافس عكس ذلك تماما , لأنه يشحذ الطاقات ويؤهلها للعطاء الأصيل الذي يسعى نحو التقدم والإقدام.
وفي مجتمعاتنا يسود التناحر ويعز التنافس الخلاق التفاعلي الجميل , الذي تعتمد عليه المجتمعات المتقدمة في تطورها وتقدمها وإنجازاتها المتنوعة.
والعرب عموما تترسخ فيهم روح التناحر وتخمد في أعماقهم إرادة التنافس , فبدلا من الغبطة (التمني بأن يكون الشخص مثل الشخض الذي يغبطه) , يسود الحسد (تمني زوال نعمة الشخص) , أي بدلا من الجد والإجتهاد للوصول إلى ما وصل إليه الآخر أو التقدم عليه , يكون التوجه النفسي والسلوكي نحو زوال الآخر وإنجازاته لكي يشعر الشخص بالقوة والرضى.
وهذا إنحراف سلوكي يؤدي إلى تراكمات سلبية تأخذ المجتمعات إلى ميادين الإعاقة والتداعي في قيعان الخسران الأبيد.
بل أنه عاهة كبيرة وإنحراف جسيم يحطم الإرادة ويطفئ جذوة الروح الوثابة الساعية نحو مستقبل أزهى وأبهى.
ومن الواضح أن الناجحين في مجتمعاتنا يعانون من التناحر الذي قد يتفاقم حتى يصل للعدوان , والهجوم السافر عليهم وتدميرهم والنيل من إنجازاتهم.
التناحر تختلف نسبته بين المجتمعات العربية , ففي العراق يبلغ ذروته وفي المجتمعات الأخرى يسود بدرجات متنوعة , وقد شكى لي زميل من هذه العدوانية السافرة على إنجازاته وطموحاته , وتطلعاته لبناء الواقع التفاعلي المعاصر اللائق بأمة ذات قدرات علمية واعية , لكنها لا تتلقى الرعاية والمُداراة الكفيلة بتبرعمها وإزهارها وإثمارها , ووجد نفسه يغرد خارج السرب , بل ينادي ويصيح ويصرخ ولا مَن يصيخ السمع فالجميع يرميه بالشديد.
وهذه حالة عربية بإمتياز وفي العراق ذات علامة تجارية فاضحة , فالعراقي يتناحر مع العراقي ويريد الوقوف على رأسه , لكي يشعر بوجوده ويرى ذاته المتضخمة وأناه المتفحمة من شدة النقمة وأجيج التناحر الفتاك.
ويبدو أن التناحر أسلوب تربوي يترعرع عليه البشر في المجتمع , لغياب آليات وقدرات ومفردات التنافس المحفز للعقول والنفوس والطاقات الكامنة , والإستثمار فيها وتطويرها لكي تحقق ما ينفع الجميع.
فهل لنا أن نتنافس ولا نتناحر؟!!