تفكيرنا المرير إستحضر مبررات سوء المصير , لأن التفكير بآلياته ومناهجه وتطلعاته , يرسم خارطة الكينونة الفردية والجماعية للأمة.
فكيفما نفكر نكون , ولهذا فأن التركيز على آليات تفكيرنا من أولويات النهوض , وصناعة التغيير نحو الأفضل.
ومن الواضح أن تفكيرنا معطل وآلياته بالية , وخالية من معطيات العصر المتوهج بالأفكار , والرؤى والإنطلاقات الحضارية الميدانية الفاعلة في مسيرة البشرية.
تفكيرنا يميل للتقليد والتقيد بالغابرات والباليات , ويفضل التلقي والتبعية وإلقاء المسؤولية على الآخر.
وهذه مثالب تتفاعل لتشيّد المعوقات , والمصدات الكفيلة بمنع تواصل الحياة , بتغيير متناغم مع عصرها , وبتعجيل معبر عن طاقاتها وقدراتها.
وواقع الأمة يتمرغ بإنتكاسات متعاقبة , ولا يستطيع تجاوز نكسة واحدة , ويمضي بإنتاج ثقافة النكسة , ويستلطف إبداع التظلم والتشكي , والتقليل من شأن الذات وسحقها , ودفعها لتكون مقلدة لغيرها بعميائية فاضحة.
فالأمة لا تقلد بتفكير وتعقل , لأن العقل ممنوع من العمل , ولا بد من الإتباع , وهذا ما يؤسس له المتاجرون بالدين , الذين أوهموا الأجيال أن التفكير من المحرمات والسؤال من الممنوعات , ولكي تكون صحيح الإيمان عليك بالسمع والطاعة , والإذعان والتبعية وعدم التعبير عن رأيك في أي شأن.
إن الأمم لكي تتحقق عليها بإعمال عقلها بكل ما يتصل بها , وتثير الأسئلة وتبحث بجد وإجتهاد عن الأجوبة المناسبة.
ولا يمكن لأمة تريد أن تكون , الإستكانة للموروث وإتباع مَن تحولوا إلى رميم , وكأن الدنيا توقفت عندهم , ومفاتيح الحياة ملكهم , ولا قيمة للأجيال ولا دور لها إلا ترديد أقوالهم.
إن الأمة تقف إزاء نفسها وعليها أن تواجهها بشجاعة وثقة , وإيمان بالقدرة على الإنطلاق إلى آفاق زمن جديد , محمّل بمعطيات أجيالها المفكرة المتدارسة الباحثة الواعية , المنطلقة نحو الحقيقة المعرفية والنور الإدراكي الحضاري النبيل.
فهل من عقلٍ فاعلٍ ينير؟!!