مصطلح يُراد به إضفاء صفة التعقل على سلوكيات لا تمت بصلة للعقل , فالسلوك البشري مرهون بطاقات الأعماق وخصوصا النفسية التي تحققه وتترجمه وتؤكده , وهذه الطاقات المطمورة يمكنها أن تمتطي العقل لتسخره لغاياتها وتوجهاتها ومنطلقاتها.
فالعقل مطية النفس , وما عدا ذلك نوع من التوهيم والتحريف.
فالسلوك البشري لا يختلف بجوهره عن السلوك الحيواني , ويكاد الأخير يتقدم عليه ويهزمه بمعاني ومكونات الدوافع المؤدية إليه.
وفي الللغة الدارجة يقولون ” يتعيقل” , أي أنه يحاول منطقة ما لا يُمنطق , لتسويغ نزعة أو فعلة منكرة لا تتفق وأبسط المعايير والقيم والضوابط والتقاليد والأعراف التي تحكم المجتمعات.
والتعقلية شائعة في الواقع المهزوم أخلاقيا وقيميا والذي ينتفي فيه صوت الضمير الإنساني الحي , فتجد الناس تفعل ما تمليه عليها رغباتها ونوازعها , وتأتيك بما يبرر ويشجع على تكرار العمل القبيح.
ويساهم في التعقلية العديد من تجار الدين الذين يكون المغفلون بضاعتهم السهلة , فتجدهم يقدمون تعقيلاتهم بما يسمونه الفتاوى , وما هي إلا إنحرافات في التفكير وتعبيرات وهمية عن سلوكيات مقيتة , ولهذا تجد أن النسبة العظمى من الفتاوى تتصل بالرغبات وبالأخص الجنسية منها.
ووفقا لما تقدم فأن القائلين بأن السلوك البشري سلوك عاقل , يجانبون الحقيقة ويبتعدون كثيرا عن صلب الآليات التي تتحكم بالتفاعل ما بين البشر وذاته وموضوعه في المحيط الذي يكون فيه , ذلك أن الواقع السلوكي تطغى عليه إرادة النفس , وخصوصا النفس الأمارة بالسوء والبغضاء , وتضعف فيه إرادة النفوس الأخرى.
وبسبب هذا الطغيان تتحقق الويلات والتداعيات , وتفقد المجتمعات الأمن والأمان , وتغص السجون والمعتقلات بالمجرمين والمجرمات , ويشيع القتل , وتتعاظم المشاكل وتتعقد , وتغيب الأيام السعيدة المطمئنة , وينتفي المعروف , وتموت الرحمة , ويتأسد الفساد , ويتسلط الشيطان الرجيم.
وعليه فأن وعي حقيقة التصرفات القائمة في المجتمع لا يمكن بأي حال من الأحوال إذا إفترضنا أنها عاقلة , وما هي إلا رغبوية بكل ما تعنيه الرغبة من توصيفات , وغريزية يتفوق في تنفيذها أخلاقيا الحيوان على البشر الذي يخدع نفسه بأن العقل هو السلطان.
وتلك فرية ووهم يتوطن رؤوس البشر الحيران!!
فهل من مواجهة جريئة لسلطة البهتان؟!!